تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن ثم فإن سيد قطب في تفسيره قد تجنب مواجهة القرآن الكريم بمقررات عقلية، أو أن يجعل سبيله إلى إدراك معانيه، واستلهام هدايته المصادر والمراجع المتنوعة المعارف، وهذا لا يعني أنه لم يعتمد أي مرجع سواء في التفسير أم السنة، و السيرة و التاريخ، و الفكر الإسلامي الحديث، و العلوم الطبيعية، بل إننا نجد في "الظلال" طائفة من المصادر والمراجع العلمية التي استعان بها في تفسيره، وسنقف على اقتباسات مطولة من بعض الكتب التي تأثر سيد قطب بفكر أصحابها، عندما سنتحدث عن مصادر ومراجع " في ظلال القرآن" في الفصول القادمة.

وهناك مقصد ثالث من اعتماد سيد قطب في تفسيره للقرآن الكريم على القرآن أساسا، وهو أن يجعل عملية التفسير تحقق أهداف القرآن، ألا وهي «إنشاء أمة، وإقامة دولة، وتنظيم مجتمع على أساس من عقيدة خاصة، وتصور معين، وبناء جديد، الأصل فيه إفراد الله - سبحانه- بالألوهية والربوبية، والقوامة والسلطان، وتلقي منهج الحياة وشريعتها ونظامها وموازينها وقيمها منه وحده بلا شريك».

وهذا كله لا يمكن تحقيقه إلا بالالتحام بالنص القرآني، والصدور عنه، والبعد عن كل ما يمكن أن يحجب هدايته وإرشاده.

ولعل أول من رفع شعار الالتحام بالخطاب القرآني، في العصر الحديث هو الأستاذ أبو الأعلى المودودي - الذي تأثر به سيد قطب كثيرا - والذي يقول في رسالة بعنوان "مبادئ أساسية لفهم القرآن":

«يجب - كخطوة أولى- على كل من يريد فهم القرآن سواء آمن به أو لم يؤمن أن يخلي ذهنه ما أمكن من جميع ما استقر فيه من قبل من التصورات، والنظريات، ويطهره من سائر ما يكنه من الرغبات الموالية أو المناوئة، ثم يكب على دراسته بقلب مفتوح، وأذن واعية، وقصد نزيه لفهمه، أما الذين يدرسونه واضعين طائفة من التصورات في أذهانهم مقدما، فما يقرءون بين دفتيه إلا تصورات أنفسهم. ولا يجدون شيئا من رائحة القرآن، ولا يصلح هذا المنهج لدراسة أي كتاب من الكتب، فكيف بالقرآن، الذي لا يفتح كنوز معانيه أبدا للذين يدرسونه باتباع مثل هذا المنهج». ولعل سيد قطب متأثر في الأسس المنهجية التي وضعها لتفسيره بما كتبه أبو الأعلى المودودي، في هذه الرسالة، وسيتأكد لنا ذلك عند الحديث عن الأسس المنهجية الخاصة بالدراسة الإجمالية، والتفصيلية، والموضوعية.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير