وابن تيمية يضع تفسير ابن عطية في أول هذه الطبقة لحرصه على النقل عن السلف، وفي ذلك يقول:" (تفسير ابن عطية) خير من تفسير الزمخشري، وأصح نقلا وبحثا وأبعد عن البدع وإن اشتمل على بعضها، بل هو خير منه بكثير، بل لعله أرجح هذه التفاسير" وأما البدع التي تضمنها تفسير ابن عطية فقد بين ابن تيمية أنها ترجع إلى تركه في بعض الأحيان الاخذ أقوال السلف، وميله إلى الأخذ عمن يسميهم بالمحققين،وهم طوائف المتكلمين الذين يعتمدون أقوال مشايخهم ويجعلونها هي الأصل الذي يقاس عليه. ومن ثم فإنه كاد أن يعده من التفسير على المذهب. "وتفسير ابن عطية وأمثاله اتبع للسنة والجماعة، واسلم من البدعة من تفسير المخشري، ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه، لكان أحسن وأجمل، فإنه كثيرا ما ينقل من تفسير محمد بن جرير الطبري، وهو من أجل التفاسير وأعظمها قدرا، ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحكيه بحال، ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين، وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم، وإن كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة. لكن ينبغي أن يعطى كل ذي حق حقه، ويعرف أن هذا من جملة التفسير على المذهب، فإن الصحابة والتابعين والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر لأجل مذهب اعتقدوه، وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان، صاروا مشاركين للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع في مثل هذا ".
وأما الإعتبارات التي جعلته يجمع هذه التفاسير الثلاث في طبقة واحدة، فنجملها في النقط التالية:
1 - سلامتها من البدعة والأحاديث الضعيفة في الأعم الأغلب.
2 - تمثلها للكتاب والسنة في التفسير، وجعلهما الأصل الذي يقاس عليه كل ما سواهما.
3 - النقل عن السلف بالأساس، وإن كانوا في بعض الأحيان يتركون أقوالهم إلى أقوال بعض الفرق الكلامية التي أسست مذاهبها على أصول ابتدعها مشايخهم، وإن كانت قريبة لما عليه أهل السنة والجماعة.
* وفي الطبقة الثالثة نجد تفسير أبي إسحق أحمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري (ت 427هـ) المسمى ب "الكشف والبيان عن تفسير القرآن"، وقد جعله ابن تيمية في هذه الطبقة لأنه كان رجلا صالحا في نفسه إلا أن تفسيره يؤخذ عليه حشد الأقوال من غير دراسة وتمحيص، فاختلط فيه الصحيح بالضعيف والموضوع.وفي ذلك يقول:"والثعلبي هو نفسه كان فيه خير ودين، وكان حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع".
* وأما الطبقة الرابعة والأخيرة من طبقات التفسير المأثور فقد وضع فيها ابن تيمية تفسير الواحدي أبي الحسن علي بن أحمد (ت 468هـ)، الذي شهد له بطول الباع في علوم العربية إلا أنه كان بعيدا عن طريق أهل السنة والجماعة.
وأما تفسير الزمخشري فلا موضع له ضمن كتب التفسير الماثور، لأنه من التفسير على المذهب الذي يتبنى أصولا وقواعد مخالفة لتلك التي يتبناها أهل السنة والجماعة، ومن ثم فضل عليه التفاسير السابقة على ما به من علم.
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[30 Nov 2009, 07:47 م]ـ
جزاك الله خيرا ...
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[25 Jun 2010, 07:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل الأستاذ جابر بن عتيق ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أشكركم على تواصلكم و تقديركم.
جزاكم الله خيرا.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.