الرابع: سوءُ القصْدِ: هذا هو العلّةُ، سوءُ القصْدِ يحتاجُ إلى إخلاصٍ ونُصحٍ لله ?، فإذا قصدَ الإنسانُ حفظَ الشريعةِ وأنْ يَرِثَ الأنبياءَ سَهُلَ عليه حُسْنُ القصْدِ؛ لأنّهُ إذا عَلِمَ أنّ الإنسانَ إذا طلبَ العلمَ لغيرِ الله فإنّهُ يُحرم الخير، وعن الوعيد، وأنّ الله يَنْزِعُ بركةَ العلمِ مِنه حَرِصَ على أنْ يكونَ قصْدُهُ حسنًا.
فهذه أمورٌ أربعةٌ هي التي يُحرم الإنسانُ إيَّاها في عدم تَبَيُّنِ الأحكامِ الشرعيّةِ، وإلاّ فالله ? تَكَفَّلَ {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} ". ()
7 – الحثُّ على الرسوخِ في العلمِ.
عند تفسيره لقوله تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (النساء: من الآية162)
ذكرَ مِن فوائدها:" فضيلةُ الرسوخِ في العلمِ،وانتبهوا لكلمةِ " الرسوخ "،فمعناها الثبوتُ والاستقرار ()،وذلكَ لأنّ العلمَ عِلْمَانِ:عِلْمٌ طَافٍ،بمعنى أنّه على السَّطْحِ؛ أيُّ ريحٍ تُزحزحه، وهذا ما يكونُ عند كثيرٍ مِن الطلبةِ، تجدْ كثيرًا مِن الطلبةِ يُجَمِّعُ العلومَ دفعةً واحدةً فيكون كالطبيبِ العامّ ليسَ له اختصاصٌ في شيءٍ، وبعضُ الطلبةِ يُركِّزُ ويحرصُ، فهذا الذي يُدرِكُ العلمَ، ويكون عنده قُدرَةٌ ومَلَكَةٌ " ... إلى أنْ قالَ:"ومِن ثَمَّ كُنت أقولُ دائمًا لطلابِ العلمِ: احرصوا على القواعدِ – قواعد العلم – وضوابطِ العلمِ، وذلكَ لأنّ الجزئيّاتِ لا حَصْرَ لها، كُلُّ يومٍ يخرجُ للناسِ مُعاملةٌ جديدةٌ أو حَدَثٌ جديد في العباداتِ لا يُمكن للإنسانِ أنْ يَحكُمَ عليها حُكمًا صريحًا إلاّ إذا كانَ عندهُ قواعدُ وأصولٌ يُلحِق هذه الجزئيّاتِ بأُصُولِهَا وقواعدها، أمّا مَن يأخذُ العلمَ مَسألةً مَسألة فهو كالذي يلقطُ الجرادَ مِن الصحراءِ، يتعبُ ولم يملأ الكيسَ،لكن الإنسانُ الذي يحرصُ على القواعدِ هذا هو الذي بإذن الله يُدرِكُ العلمَ ". ()
8– تَلَطُّفُ الطالبِ معَ الشيخِ.
عند تفسيره لقوله تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ} (الكهف: من الآية66)
قالَ:" أيْ قالَ مُوسَى للخَضِرِ: هل أتّبِعُكَ،وهذا عَرْضٌ لطيفٌ، وتواضع،وتَأَمَّلْ هذا الأدبَ مِن مُوسَى ? مع أنّ مُوسَى أفضل مِنه، وكانَ عند الله وجيها، ومع ذلكَ يَتلطَّفُ معه لأنّه سوفَ يأخذُ مِنه عِلْمًا لا يَعْلَمُهُ مُوسَى، وفي هذا دليلٌ أنّ على طالبِ العلمِ أنْ يتلطَّفَ مع شيخهِ ومع أستاذهِ وأنْ يُعامله بالإكرامِ ". ()
وما تقدّمَ نماذجُ مِن إرشاداتهِ وتوجيهاتهِ التي كانَ يُلقِيهَا على طُلاّبِهِ أثناءَ إملائهِ لتفسيره تُبَيِّنُ حرصَ الشيخِ على هذا الجانبِ، واهتمامه بهِ.
اسأل الله أن ينفعنا بالقرآن.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Nov 2010, 06:51 م]ـ
أحسنت أبا خالد - نفع الله بك كما نفع بشيخنا الإمام الزاهد المربي ابن عثيمين -.
ومن أهم ما يميّز العلماء الربانيين أنهم يجمعون بين الأدب والعلم، وبين التعليم والتربية، وبين البيان والحرص على توجيه الطلاب وعموم الناس.
قال الشيخ رحمه الله في آخر تفسيره لسورة النازعات: (ولهذا نقول أنت لا تسأل متى تموت ولا أين تموت لأن هذا أمر لا يحتاج إلى سؤال أمر مفروغ منه ولابد أن يكون ومهما طالت بك الدنيا فكأنما بقيت يوماً واحداً بل كما قال تعالى هنا: {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} ولكن السؤال الذي يجب أن يرد على النفس ويجب أن يكون لديك جواب عليه هو على أي حال تموت؟! ولست أريد على أي حال تموت هل أنت غني أو فقير، أو قوي أو ضعيف، أو ذو عيال أو عقيم، بل على أي حال تموت في العمل، فإذا كنت تساءل نفسك هذا السؤال فلابد أن تستعد؛ لأنك لا تدري متى يفجَؤُك الموت، كم من إنسان خرج يقود سيارته ورجع به محمولاً على الأكتاف، وكم من إنسان خرج من أهله يقول هيئوا لي طعام الغداء أو العشاء ولكن لم يأكله، وكم من إنسان لبس قيمصه وزر أزرته ولم يفكها إلا الغاسل يغسله، هذا أمر مشاهد بحوادث بغتة. فانظر الان وفكر على أي حال تموت، ولهذا ينبغي لك أن تكثر من الاستغفار ما استطعت، فإن الاستغفار فيه من كل هم فرج، ومن كل ضيق مخرج، حتى إن بعض العلماء يقول إذا استفتاك شخص فاستغفر الله قبل أن تفتيه، لأن الذنوب تحول بين الإنسان وبين الهدى واستنبط ذلك من قول الله تبارك وتعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً. واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً} [النساء: 105، 106]. وهذا استنباط جيد، ويمكن أيضاً أن يستنبط من قوله تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} [محمد: 17]. والاستغفار هو الهدى، لذلك أوصيكم بالمراقبة، وكثرة الاستغفار، ومحاسبة النفس حتى نكون على أهبة الاستعداد خشية أن يفجؤُنا الموت ـ نسأل الله أن يحسن لنا الخاتمة ـ.)