ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[22 Sep 2006, 04:26 م]ـ
5 – استحضارُ نِيَّةِ القيامِ بِفَرْضِ الكفايةِ.
عند تفسيره لقوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} (يّس:6)
ذكرَ مِن فوائدها:" سَبُّ هؤلاءِ الذينَ غَفَلُوا عن الرسالاتِ لقوله: {فَهُمْ غَافِلُونَ} وأنّ الغفلةَ عن البحثِ عن الرسالةِ يُعتبر ذَمًّا، وكذلكَ نقولُ فيمن غفلَ عن البحث في جزئيّاتِ الشريعةِ، فمثلاً مَن غفلَ عن البحثِ في أحكامِ الصلاةِ فإنّه يُذَمُّ، ولهذا نقولُ: إنّ تَعلُّمَ العلمِ الشرعيِّ فرضُ كِفَايَةٍ،ومَن أرادَ أنْ يقومَ بعبادةٍ مِن العباداتِ كان تَعلُّمُ أحكامها فرضَ عَيْنٍ، وبناءً على هذا نقولُ: كُلُّ طلبةِ العلمِ في كلِّ مكانٍ قائمونَ بفرضِ كِفَايَةٍ، ولهذا يَحسُنُ بهم أنْ يستحضروا هذا الأمرَ، وأنّنا في مَجالسنا هذه نقومُ بفرضِ كِفَايَةٍ نُثَابُ عليه ثوابَ الفرضِ، وقد قال الله تعالى: [ما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مِمَّا افترضتهُ عليه] ()، وهذه مسألةٌ يَغفلُ عنها كثيرٌ مِن الطلبةِ، لا في مجالسِ () الذِّكْرِ والعلمِ، ولا في المجالسِ الأخرى مجالسِ المراجعةِ، تجدُ الإنسانَ يُراجع الكتابَ لكنّهُ لا يستحضرُ أنّه الآنَ قائمٌ بفرضِ كِفَايَةٍ، وهذا يُفَوِّتُ خيرًا كثيرًا، لهذا نسألُ الله أنْ يُعيننا على تَذكُّرِ هذا المعنى حتّى نَكْسَبَ خيرًا بما نقرأهُ أو نُراجعهُ ". ()
6 – التأكيدُ على مُواصَلةِ الطَّلَبِ.
عند تفسيره لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} (النساء: من الآية26)
قالَ:" ليسَ في الشَّرْعِ شيءٌ مَجهولٌ لِكُلِّ أحدٍ، لقوله: {لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} فالشَّرْعُ لا يُمكن أنْ يكونَ خَفِيًّا على كُلِّ أحدٍ،لكنّهُ يخفى على الإنسانِ لأسبابٍ: إمّا قِلَّةُ العلمِ، وإمّا قُصُورُ الفهمِ، وإمّا التقصيرُ في الطَّلَبِ، وإمّا سُوء القَصْدِ، أربعةُ أسبابٍ لِخَفاء الحكم ِالشَّرْعيِّ على الإنسانِ.
الأوّلُ: قلّةُ العلمِ: كأنْ يكونَ الإنسانُ لم يُطالع ولم يُراجع،ولم يستوعب كتب العلماءِ، وهذا تخفى عليه الأحكامُ الشرعيّةُ لقلّةِ علمهِ.
الثاني: أو قصورُ فهمهِ: يكونُ عندهُ علمٌ واسعٌ لكنّه لا يفهم، هذا أيضًا يفوتهُ خيرٌ كثير مِن الأحكامِ الشرعيّةِ.
الثالث: أو لتقصيرهِ في الطلبِ: إنسانٌ مُقصِّر، عنده علمٌ، عنده فهمٌ، لكن ما يحرص على أنْ يُحقِّقَ المسائلَ ويُنقِّحَها ويُحرِّرَها، فيفوتهُ شيءٌ كثير.
الرابع: أو سوءُ القصْد، حيثُ يكونُ لا يُريد إلاّ نَصْرَ رَأْيِهِ فقط، فهذا – والعياذ بالله – يُحرم الخير ويُحرم الصواب.
ما دواءُ هذه العللِ والآفاتِ؟
الجواب:
الأول: قلّةُ العلمِ: دواءهُ كثرةُ العلمِ، أنْ يُراجعَ المسألةَ، يُطالع كتبَ العلماءِ – كتب الحديث، كتب التفسير -.
الثاني: قُصور الفهمِ: هذا مُشْكِل؛ لأنّهُ غَرِيزِيٌّ، لكن ثِقُوا بأنّه مع التمرُّنِ يَحصلُ على قوّةِ الفهمِ، وأضربُ لكم مثلاً: لو أنّ إنسانًا راجعَ كتبَ شيخِ الإسلام ابن تيميةَ؛ أوّلَ ما يُراجِعْ لَقَالَ: هذا ما يُمكن نفهمها، لكن مع التمرُّنْ عليها يفهمها وتكونَ عنده كالفاتحةِ، إذًا الفهمُ يحتاجُ إلى تمرينٍ، ومِن تمارينِ الفهمِ: المناقشةُ مع الناسِ؛ لأنّه كثيرًا ما يغيبُ عنكَ شيءٌ مِن العلمِ وبالمناقشةِ يتبينُ لكَ شيءٌ كثير.
الثالث: التقصيرُ في الطَّلَبِ: دواءهُ الجدُّ والاجتهادُ، اجتهدْ ولا تتوانَى، ثمّ التقصيرُ في الطَّلَبِ ليسَ معناهُ قِلَّةُ الطَّلَبِ، حتّى الترتيبُ في الطَّلَبِ هذا ايضًا يُضِرُّ بالإنسانِ ويُنقِصُ عِلْمَهُ،بعضُ الناسِ مثلاً إذا أرادَ أنْ يُراجِعَ مَسألةً في الكتبِ الكبيرةِ صارَ يستعرضُ الفِهْرِسَ؛ يَجِدُ بَحْثًا ثُمَّ يذهبُ يبحثُ فيه وينسى الأوّل، وهذا الذي يُقَطِّعُ عليه الأوقاتَ تقطيعًا، ما دُمْتَ تُريد تحقيقَ مسألةٍ فَأَغْمِضْ عينيكَ عَمّا سِوَاهَا، وإلاّ ستكونُ، كالذي يلقطُ الجرادَ في أرضٍ جَرْدَاء، ما تُحَصِّلُ شيئًا، هذا تقصيرٌ في الطَّلَبِ؛ ما هو تقصيرٌ كَمِّيٌّ، ولكن تقصيرٌ كَيْفِيٌّ.
¥