كثيرة جداً جداً، فلو أخذنا أمثلة من ذلك -يعني من الآيات التي تدل على ما يقابل
القيام-.
قوله تعالى: ? فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا ? [النساء: 103].
أي نعم، فقوله: ? قِيَامًا ? مقابل لقوله: ? وَقُعُودًا ?.
وأيضاً من هذه المادة ... هل أحد يذكر شيء من هذا؟ الآيات كثيرة جداً في هذه
المادة ...
قوله تعالى: ? وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ ? [النور: 60].
نعم، سمين "قواعد" لأنهن صرن قعيدات البيوت، بسبب كِبَر السن.
فإذن لو تأملنا أيضاً هذه المادة سنجد أنها مقاربة لمعنى الأصل، ويمكن أن نقول: لو
سميت هذه المادة العلمية أصول التفسير أو أسس التفسير أو قواعد التفسير فهي مصطلحات
متقاربة، تدل على هذا العلم.
هذا ما يتعلق بمادة الأصل من جهة اللغة.
*نأتي الآن إلى مادة التفسير في اللغة: لو قلنا ما هو أصل مادة التفسير؟ يعني الأصل
المادة الأولي: الثلاثي أو الثنائي؟
مادة "فسر".
مأخوذ من مادة "فسر"، يعني التفسير تفعيل من "الفسر" يعني أصل مادته ثلاثي، مادة
"فسر"، هذه المادة "فسر" إذا تأملنا أيضاً استخدامات واستعمالات العرب لهذه المادة،
سنجد أنها تدور على معنى الكشف والإيضاح والبيان، فمثلاً تقول: "فسر الرجل عن
ذراعه" إذا أبانها فظهرت.
إذن هذه المادة بجميع تصرفاتها واشتقاقاتها نعلم أنها تدل على هذا المعنى، فأنت إذا
وجدتها في بيت شعر أو في آية من الآيات، أو في كلام رجل من العرب تعرف أنها تدل على
هذا المعنى الكلي، الذي هو معنى الكشف أو الإيضاح أو البيان.
أيضاً عندنا مادة لها علاقة بالتفسير من جهة اللغة، وكذلك من جهة الاصطلاح، فنأخذها
الآن من جهة اللغة، وهي مادة أخرى لمادة التأويل، وهذه غالباً ما يناقش من يُبين
مصطلح التفسير، غالباً ما يأتي بذكر مصطلح التأويل ليميز بينه وبين التأويل، طبعاً
لن ندخل في التفريقات الكثيرة، لكن الذي يعيني الآن أن نأخذ ما في مادة التأويل مما
يوافق التفسير وما يفارقه، يعني متى توافق مادة التأويل مادة التفسير إذا كان مراد
بها بيان معاني الكلام، فإذن مثلاً قرأنا في كتاب "تفسير الطبري" القول في تأويل
قوله تعالى مراده، يعني القول في تفسير قوله تعالى، إذن عبارة الطبري -رحمه الله
تعالى- في جميع كتابه وهو كتاب يسمى كتابه "تأويل جامع البيان عن تأويل آي القرآن"
أي عن تفسيره، هذا هو الاستخدام الذي يقارب معنى التفسير، وإذا جئنا نعرف أو نعبر
عن التأويل نقول: التأويل له معنيان:
المعنى الأول: التفسير. التأويل ومنه كذا وكذا.
المعنى الثاني: ما تؤول إليه حقائق الأشياء، يعني ما تصير إليه المآلات.
الآن قد يكون عندنا خبر، أو يكون عندنا نهي، أو يكون عندنا خبر أو أمر أو نهي، الذي
هو الأمر الذي هو الفعل، إذا قيل لك افعل كذا، ما هو تأويله؟ قيامك بالفعل، إذا قيل
لك: اترك كذا، ما هو تأويله؟ تركك له، فإذن تأويل الأمر فعله، وتأويل النهي تركه.
يبقى عندنا تأويل الخبر ما هو؟ وقوعه. يعني أن يوجد في الواقع، مثل تأويل الرؤى،
إذا عَبَّرَ المؤول رؤيا من الرؤى ثم وقعت في الحقيقة فنقول: هذا هو تأويل الرؤيا،
يعني ما صارت إليه، ما آلت إليه، مثل ما قال يوسف -عليه السلام- قال: ? هَذَا
تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ? [يوسف: 100].
على سبيل المثال مثلاً جماعة ناموا مثلاً متأخرون ثم قاموا لا يعلمون عن الوقت، ليس
معهم ما يدل على الوقت وهم في غرفة أو كذا، يقولون لفلان: اذهب وانظر لنا هل خرجت
الشمس، فإذا جاء وقال: خرجت الشمس، هذا إذن تأويل، يعني وقوع هذا الأمر بخروج الشمس
هو تأويل لهذا.
إذن المقصد من ذلك: أي خبر إذا وقع فنقول هذا تأويل الخبر، ومن أشهر ما ورد في قضية
التأويل الرؤى، حتى صار تأويل الرؤى كما أشبه بالمصطلح المتعلق بالرؤى.
إذن هذه مادة التأويل وعلاقتها بالتفسير.
طبعاً قد يسأل سائل ويقول: إن العلماء -رحمهم الله- قد ذكروا في الفرق بين التأويل
والتفسير فروقاً كثيرة، فنقول: إن الوقت لا يسمح لشرحها، لكن الملاحظ في هذا الشرح
أمران:
إما أن يكون تخصيصاً لمعنى يدخل في أحد هذه الفروق المذكورة.
وإما أن يكون قولاً لا دليل عليه لا من اللغة ولا من غيرها.
¥