"اللباب" لابن عادل في عشرين جزء، في عشرين مجلد، أو "التحرير والتنوير" .. ابن
عاشور، أو "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي، ومجلدات كل هذه كتبت في مجلدات، ومع ذلك
نقول هذا تفسير، وهذا تفسير.
فإذن نحن نحتاج لنتأمل في هذه المعلومات الواردة في كتب التفسير هل كلها تدخل في
كتب التفسير أو لا؟
لو تأملنا يمكن أن نقسم المعلومات إلى تقسيمات متعددة، وأحب أن أنبه هنا إلى أن هذه
التقسيمات تقسيمات ماذا؟ فنية، بمعنى أن ما أقسمه أنا لكم الآن قد يأتي آخر ويقسمه
تقسيماً آخر، القضية فيها ماذا؟ فيها سعة في الاختلاف، ويدخل باب اختلاف التنوع،
وإن اتفقنا على الأصل وهو أنه يوجد في كتب التفسير ما ليس من التفسير، قضية كيف
نصنف هذه المعلومات الموجودة، هذه قضية فيها سعة، فيمكن أن تصنف أنت تصنيفاً وأصنف
أنا تصنيفاً، ويصنف آخر تصنيفاً آخر، هذا الأمر فيه سعة في هذا.
عندي أن التصنيف يمكن أن نصنف كتب أو معلومات كتب التفسير إلى ثلاثة أقسام:
صلب التفسير، وعلوم القرآن، علوم أخرى.
طبعاً الآن لما نأتي إلى نقول: صلب التفسير، علوم القرآن، علوم أخرى، قد يسأل سائل
ويقول: هل علم التفسير من علوم القرآن أو ليس من علوم القرآن؟
علم التفسير أليس من علوم القرآن؟ طيب فلماذا أفردناه ثم قلنا: صلب التفسير، ثم
قلنا علوم القرآن؟ لأننا الآن نريد أن ننبه أن هذه الكتب، كتب التفسير تحتوي على
هذه المواد، فتحتوي على المادة الأهم التي هي صلب التفسير، لو رجعنا إلى الكلام
السابق قبل قليل، قلنا أن عندنا أحد العلماء كتب تفسير القرآن كاملاً في مجلد،
وبعضهم كتب عشرين مجلد مثلاً، بل بعضهم قد يكون أكثر، فالذي اتفقوا عليه ما هو؟
الذي اتفق فيه جميع هؤلاء ما هو؟ الذي هو صلب التفسير، اتفقوا في ماذا؟ في صلب
التفسير، الذي سيقع الاختلاف بينهم فيه ما هو؟
علوم القرآن والعلوم الأخرى.
إذن الإضافات التي جاءت في المجلدات المتعددة سيدخل كثير منها إما في علوم القرآن
وإما في العلوم الأخرى.
لو أردنا أيضاً أن ننظر ما الذي يدخل في صلب التفسير؟ يعني نذكر بعض الموضوعات التي
تدخل في صلب التفسير من المعلومات؟ هل بيان المفردة من صلب التفسير أو لا؟
نعم.
نقول: نعم؛ لأنه يقوم عليها ماذا؟ الفهم، لأنه لو جهلنا معنى مفردة، ما فهمنا
المعنى العام للآية.
سبب النزول، هل سبب النزول يدخل في صلب التفسير أو ما يدخل؟ أيضاً يدخل، لماذا؟ لأن
أسباب النزول الأصل فيها أنها تعين على فهم المعنى؛ لأنها أشبه بالسياقات الحالية
للكلام، فإذا فهمنا الملابسات هذه، فإننا نفهم المعنى.
وسنلاحظ -إن شاء الله- لاحقاً حينما نأتي في شرح مقدمة الشيخ -رحمه الله- سنلاحظ أن
أسباب النزول تحدد لنا المدلول المراد، إذا احتمل النص غيره، بمعنى أنه لو جئنا
بالنص مجرداً، هذا يحتمل أكثر من معنى من جهة اللغة، لكن يأتي سبب النزول، ويحدد أن
المعنى هو هذا، وليس المعنى الآخر، وهذا -إن شاء الله- سيأتي لاحقاً، لكن أقصد من
ذلك أننا أدخلناه في صلب التفسير؛ لأنه يؤثر في فهم المعنى، ونحن قلنا بيان معاني
القرآن.
كذلك لما نأتي إلى الناسخ والمنسوخ، الناسخ والمنسوخ بمصطلح السلف، سواء كان نسخ
للأحكام الشرعية، أو كان تقييد مطلق، أو كان تخصيص عام، أو كان بيان مجمل، أو كان
استثناء سنلاحظ أيضاً هذه كلها تدخل في ماذا؟ في صلب التفسير؛ لأنه ينبني عليها فهم
معنى.
كذلك أيضاً عندنا الحكم المنصوص عليه في الآية، المنصوص عليه وليس المستنبط الذي
بعد النص، لأن ما هو منصوص عليه أيضاً سيدخل في بيان المعنى، لأنه حينما نبين
المعنى الشرعي المنصوص عليه فإنه لا شك أنه من علم ماذا؟ التفسير.
أما علوم القرآن فيمكن نقسمها إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: علوم السورة.
القسم الثاني: علوم الآية.
القسم الثالث: الاستنباطات.
علوم السورة ما هي؟ هي التي يقدم المفسرون بها تعريفاً عن السورة، اسم السورة، فضل
السورة، مكان نزول السورة، عدد آيات السورة، كل ما يتعلق بعلوم السورة، وموضوعات
السورة، مقصد السورة إلى آخره، كل هذا نعتبره من ماذا؟ من علوم السورة، طبعاً علوم
السورة هي جزء من علوم القرآن، لكن هنا ملحوظة من باب الفائدة، أن علوم السورة
الأصل فيها أنه لا أثر لها في صلب التفسير، علوم السورة لا أثر لها في صلب التفسير،
¥