قال أبو حيان الأندلسي في تفسير قوله تعالى: ? فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ
? [البقرة: 23] "وقد تعرض الزمخشري هنا بذكر
فائدة تفصيل القرآن وتقطيعه سوراً وليس ذلك من علم التفسير وإنما هو من فوائد
التفصيل والتسوير".
أيضاً نلاحظ الآن أن أبا حيان الأندلسي استدرك على الزمخشري في كتابه؛ لأن الزمخشري
كتب كتابه في التفسير فاستدرك عليه أبو حيان هذه المعلومات ذكرها أنها ليست من صلب
التفسير، وإنما قال هي من فوائد التفصيل والتسوير، لو أردنا نضع هذه المعلومات التي
هي فوائد التفصيل والتسوير، يعني ماذا جعل القرآن آية آية، لماذا جعل سورة سورة،
بهذا التفصيل، وذكر هذه الفوائد، نضعها في آي علم؟
نعم يا أخي الكريم.
في علوم القرآن.
نضعها في علوم القرآن؛ لأن هذه معلومة مرتبطة بعلوم القرآن.
أيضاً عندنا نص آخر.
قال الشوكاني -رحمه الله تعالى- في أول سورة الإسراء: "واعلم
أنه قد أطال كثير من المفسرين كابن كثير والسيوطي وغيرهما في هذه الموضع بذكر
الأحاديث الواردة في الإسراء على اختلاف ألفاظها، وليس في ذلك كثير فائدة، فهي
معروفة في موضعها من كتب الحديث، وهكذا أطالوا بذكر فضائل المسجد الحرام، والمسجد
الأقصى، وهو مبحث آخر، والمقصود في كتب التفسير ما يتعلق بتفسير ألفاظ الكتاب
العزيز، وذكر أسباب النزول، وبيان ما يؤخذ من المسائل الشرعية، وما عدا ذلك فهو
فضلة لا تدعو إليه حاجة".
نعم. أيضاً نلاحظ الآن أن الشوكاني استدرك على ابن كثير والسيوطي وغيرهما، ممن أطال
في ذكر الآي، طبعاً في بداية سورة "الإسراء" أطال في ذكر الأحاديث المتعلقة بسورة
"الإسراء"، لو رجعنا إلى ابن كثير سنجد صفحات في ذكر الأحاديث -كل تقريباً كثير من
الروايات- التي وردت في الإسراء والمعراج، أوردها في تفسير هذه الآية.
الآن هو يقول: ليس لها علاقة بعلم التفسير.
كذلك فضائل المسجد الحرام أو المسجد الأقصى الذي ذكره بعض العلماء في هذه الآية،
قوله سبحانه: ? الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ? [الإسراء: 1] هل هذه الفضائل لها
علاقة بالتفسير أيضاً؟ أيضاً ليس لها علاقة بالتفسير.
نلاحظ أن الشوكاني حدد لنا مهمة المفسر، أو ما الذي يقصد في كتب التفسير، قال:
"والمقصود في كتب التفسير ما يتعلق بتفسير ألفاظ الكتاب العزيز، وذكر أسباب النزول،
وبيان ما يؤخذ منه من المسائل الشرعية، وما عدى ذلك فهو فضلة لا تدعو الحاجة إليه".
طبعاً هذا كلام فيه إجمال، لكن يبين لنا بالفعل أن بعض العلماء -رحمهم الله- يكتبون
كتبهم في التفسير، عندهم تصور عن ماذا يكتبون، وأن علم التفسير له حدود معينة يقف
عندها.
فإذن من خلال كلام الشوكاني، تفسير الألفاظ، الذي هو بيان الألفاظ، ذكر بيان
النزول، المسائل الشرعية المنصوص عليها، هذا كلها تدخل في علم التفسير.
نأخذ على ذلك مثال: قال ابن كثير في قوله تعالى: ? وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ
لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ?4?? [الزخرف: 4]، بين شرفه في الملأ الأعلى ليشرفه
ويعظمه ويطيعه أهل الأرض، وقال تعالى: ? وَإِنَّهُ ? أي: القرآن، ? فِي أُمِّ
الْكِتَابِ ? أي: اللوح المحفوظ، قاله ابن عباس ومجاهد، إلى أن قال: وهذا كله تنبيه
على شرفه وفضله كما قال: ? إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ?77? فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ
?78? لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ?79? تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ
الْعَالَمِينَ ?80?? [الواقعة: 77: 80]، وقال: ? كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ?11?
فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ?12? فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ ?13? مَرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ
?14? بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ?15? كِرَامٍ بَرَرَةٍ ?16?? [عبس: 11: 16]؛ ولهذا استنبط
العلماء -رحمهم الله- من هاتين الآيتين، أن المحدث لا يمس المصحف كما ورد به الحديث
إن صح؛ لأن الملائكة يعظمون المصاحف المشتملة على القرآن في الملأ الأعلى، فأهل
الأرض بذلك أولى وأحرى؛ لأنه نزل عليهم وخطابه متوجه إليهم فهم أحق أن يقابلوه
بالإكرام والتعظيم والانقياد له بالقبول والتسليم، لقوله: ? وَإِنَّهُ فِي أُمِّ
الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ?4?? [الزخرف: 4].
هذا النص الآن نحتاجه في هذا الموطن، لنتبين الآن لو سألتكم ما هي المسائل من هذا
¥