- وهذا التعبير (باركنا حوله) وصف يرسم البركة حافة بالمسجد، وهو ظل لم يكن ليلقيه تعبير مباشر، مثل: باركناه.
- الالتفات من الغيبة إلى التكلم (باركنا. . . لنريه من آياتنا) لتعظيم تلك البركات والآيات.
- (لنريه من آياتنا) عبّر بـ (من) الدالة على التبعيض؛ لأن إراءة جميع آيات الله تعالى لعدم تناهيها مما لا يكاد يقع، ولو قيل: (لنريه آياتنا) لتبادر الكل.
- (باركنا) (لنريه) نسبة الفعل إلى الله تعالى (نون العظمة) فيه تعظيم الفاعل وتعظيم القدرة، فهو المتصرف بخلقه.
- مناسبة التذييل (إنه هو السميع البصير): قرّب الله عز وجل عبده محمد، وخصّه بهذه الكرامة؛ لأنه سبحانه مطّلع على أحواله، عالم باستحقاقه لهذا المقام، أو: سميع ما يدعو، بصير بما يكابد. وقيل: وعيد من الله للكفار على تكذيبهم محمداً صلى الله عليه وسلم في أمر الإسراء، فهي إشارة لطيفة بليغة إلى ذلك، أي هو السميع لما تقولون، البصير بأفعالكم.
- توسيط ضمير الفصل بين اسم (إن) وخبرها؛ لتأكيد هذه الصفات، أو لأن سماعه تعالى بلا أذن، وبصره بلا عين، على نحو لا يشاركه فيه تعالى أحد.
- السياق ينتقل في آية الافتتاح من صيغة التسبيح لله (سبحان) إلى صيغة التقرير من الله (لنريه)، إلى صيغة الوصف لله (إنه هو السميع البصير)، وفقاً لدقائق الدلالات التعبيرية بميزان دقيق حساس، فالتسبيح يرتفع موجهاً إلى ذات الله سبحانه، وتقرير القصد من الإسراء يجيء منه تعالى نصّاً، والوصف بالسمع والبصر يجيء في صورة الخبر الثابت لذاته الإلهية، وتجتمع هذه الصيغ المختلفة لتؤدي دلالاتها بدقة كاملة.
الدروس المستفادة
- كلما تحقق مضمون العبودية من الخضوع والخشوع والإخلاص لله سما صاحبُها وزاد قدره.
- ربط الله عز وجل بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى؛ لتكون فلسطين بوابة العروج إلى السماء، وليربط بينهما في قلوب المسلمين، وليكون ارتباط المسلمين بالمسجد الأقصى وثيقاً، فالمسجد الحرام محور العبادة، والمسجد الأقصى محور الصراع.
- هذه الرحلة تربط بين الأماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعاً، وكأنما أريد بهذه الرحلة العجيبة إعلان وراثة الرسول صلى الله عليه وسلم لمقدسات الرسل قبله، وارتباط رسالته بها جميعها.
- الإنسان مهما علا وارتفع لا يصل ولا يقترب من مقام الألوهية إطلاقاً.
- تقرير عقيدة الإسراء والمعراج بالنبي بالروح والجسد معاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم إلى السموات العُلى.
- بيان الحكمة في حادثة الإسراء والمعراج، وهي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم بأم عينيه ما كان آمن به وعلمه من طريق الوحي، فأصبح الغيب لدى الرسول صلى الله عليه وسلم شهادة.
يتبع ... الآية الثانية
ـ[روضة]ــــــــ[03 Oct 2006, 10:48 م]ـ
الآية الثانية والثالثة: {وَآتَيْنَآ مُوسَى ?لْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً}
المعنى
كثيراً ما يقرن القرآن الكريم بين ذكر موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وبين ذكر التوراة والقرآن، ولهذا قال بعد ذكر الإسراء: (وآتينا موسى الكتاب).
فذكر كتاب موسى (التوراة) وما اشتمل عليه من إنذار لبني إسرائيل، وتذكير لهم بجدهم الأكبر نوح العبد الشكور، وآبائهم الأولين الذين حملوا معه في السفينة، ولم يُحمل معه إلا المؤمنون، وتذكير لهم بالمطلب الأساس والرئيس، ألا وهو التوحيد.
وقد بيّن أن التوراة إنما كانت هدى لاشتمالها على النهي عن اتخاذ غير الله وكيلاً، ولا يتجهوا إلا لله، فهذا هو الهدى، وهذا هو الإيمان.
قال ابن الجوزي: قيل للرب وكيل؛ لكفايته وقيامه بشؤون عباده، لا على معنى ارتفاع منزلة الموكل وانحطاط أمر الوكيل. وقال الزمخشري: ربّاً تكلون إليه أموركم.
ولقد خاطبهم باسم آبائهم الذين حملهم مع نوح، وهم خلاصة البشرية على عهد الرسول الأول في الأرض، خاطبهم بهذا النسب ليذكرهم بوحدة أصلهم هم وباقي البشرية، وأن كل الناس متساوون، وليسوا بأفضل من باقي الأمم، وفيه حثٌّ لهم على الاقتداء بآبائهم.
المناسبة
انتقل من الحديث عن حادثة الإسراء إلى الخطر الذي يتهدد أرض الإسراء بذكر بني إسرائيل.
¥