تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3 - ويقول سيد قطب مفسرا قوله {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} (1) مبينا طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، وبين الزوج وزوجه: «وفي هذا التعبير الدقيق ما فيه من إشارات إلى طبيعة تلك العلاقة في هذا الجانب، وإلى اهدافها واتجاهاتها، نعم، إن هذا الجانب لا يستغرق سائر العلاقات بين الزوج وزوجه، وقد جاء وصفها وذكرها في مواضع أخرى مناسبة للسياق في تلك المواضع، كقوله تعالى {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} (2) .. وقوله {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة} (3) فكل من هذه التعبيرات يصور جانبا من جوانب تلك العلاقة العميقة الكبيرة في موضعه المناسب، أما مناسبة السياق هنا فيتسق معها التعبير بالحرث، لأنها مناسبة إخصاب وتوالد ونماء. وما دام حرثا فأتوه بالطريقة التي تشاؤون، ولكن في موضع الإخصاب يحقق غاية الحرث .. {فأتوا حرثكم أني شئتم} (4)» (5).

4 - ويفسر قوله تعالى {لا إكراه في الدين} (5) في ضوء قوله جل وعلا في موضع آخر من الذكر الحكيم، {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوك، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم، الله يعلمهم} (6). فيقول: «وهذا هو قوام الأمر في نظر الإسلام .. وهكذا ينبغي أن يعرف المسلمون حقيقة دينهم وحقيقة تاريخهم فلا يقف بدينهم موقف المتهم الذي يحاول الدفاع، إنما يقفون به دائما موقف المطمئن الواثق، المستعلى على تصورات الأرض جميعا، وعلى نظم الأرض جميعا، وعلى مذاهب الأرض جميعا .. ولا ينخدعون بمن يتظاهر بالدفاع عن دينهم بتجريده في حسهم من حقه في الجهاد لتأمين أهله، والجهاد لكسر شوكة الباطل المعتدي، والجهاد لتمتيع البشرية كلها بالخير الذي جاء به، والذي لا يجني أحد على البشرية جناية من يحرمها منه، ويحول بينهما وبينه، فهذا هو أعدى أعداء البشرية، الذي ينبغي أن تطارده البشرية لو رشدت وعقلت، وإلى أن ترشد البشرية وتعقل، يجب أن يطارده المؤمنون الذين اختارهم الله وحباهم بنعمة الإيمان فذلك واجبهم لأنفسهم، وللبشرية كلها، وهم مطالبون بهذا الواجب امام الله .. » (1).

5 - ويبين سيد قطب حقيقة من حقائق التصور الإسلامي، وهي رد كل شيء إلى المشيئة المطلقة التي لا تتعارض مع إرادة الإنسان، وذلك عند تفسيره لقوله تعالى {يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} (2) «هذه الحكمة يؤتيها الله من يشاء من عباده، فهي معقودة بمشيئة الله سبحانه، هذه هي القاعدة الأساسية في التصور الإسلامي: رد كل شيء إلى المشيئة المطلقة المختارة، وفي الوقت ذاته يقر القرآن حقيقة أخرى، أن من أراد الهداية وسعى لها سعيها، وجاهد فيها، فإن الله لا يحرمه منها، بل يعينه عليها {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} (1) ليطمئن كل من يتجه إلى هدى الله أن مشيئة الله ستقسم له الهدى، وتؤتيه الحكمة، وتمنحه ذلك الخير الكثير» (2).

6 - ويفسر سيد قطب قوله تعالى {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكرم وأولئك هم المفلحون} (3) في ضوء قوله تعالى {وما أرسلنا من رسول إلاليطاع بإذن الله} (4). وذلك ليبيين وظيفة الأمة المسلمة في هذه الحياة، وكيف أن أمر الدعوة إلى الله تعالى لا يستقيم إلا في ظل سلطة مسلمة: «فلا بد من سلطة في الأرض تدعو إلى الخير، وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر، والذي يقرر أنه لابد من سلطة هو مدلول النص القرآني، ذاته، فهناك "دعوة" إلى الخير، ولكن هناك "أمر" بالمعروف وهناك "نهي" عن المنكر، وإذا أمكن أن يقوم بالدعوة غير ذي سلطان فإن "الأمر" و"النهي" لا يقوم بهما إلا ذو سلطان هذا هو تصور الإسلام للمسألة. إنه لابد من سلطة تأمر وتنهي ... » (5).

7 - ويقول مفسرا قوله تعالى {والله لا يحب الظالمين} (6): «والظلم كثيرا ما يذكر في القرآن ويراد به الشرك، بوصفه أظلم الظلم وأقبحه، وفي القرآن {إن الشرك لظلم عظيم} (1) .. » (2).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير