تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال آخرون: إن الترادف واقع، وله فوائد، وهو قول كثير ممن ألف في هذا الباب كابن خالويه، والفيروزبادي، وغيرهم.

والحاصل -كما قال العلامة عز الدين بن جماعة-: (أن من جعلها مترادفة ينظر إلى اتحاد دلالتها على الذات، ومن يمنع ينظر إلى اختصاص بعضها بمزيد معنى فهي تشبه المترادفة في الذات، والمتباينة في الصفات) [12].

فإذا قلنا - على سبيل المثال -: إن الله هو السميع، العليم، البصير، الخالق، البارئ، المصور، فهذه الأسماء مترادفة باعتبار دلالتها على ذات واحدة ومسمى واحد هو الله - عز وجل -.

وهي متباينة باعتبار أن في السميع معنىً غير المعنى الذي في البصير، وهكذا ...

وكذلك أسماء الرسول " الحاشر، والعاقب، وغيرها؛ فهي مترادفة باعتبار أنها دلت على مسمى واحد وهو الرسول ".

وهي متباينة لاختلاف معنى الحاشر عن العاقب وهكذا.

وإلى هذا الرأي مال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرسالة التدمرية وغيرها [13].

رابعاً: أسباب وقوع الترادف: قال السيوطي -رحمه الله-: (قال أهل الأصول: لوقوع الألفاظ المترادفة سببان:

أحدهما: أن يكون من واضِعَيْنِ، وهو الأكثر بأن تضع إحدى القبيلتين أحد الاسمين، والأخرى الاسم الآخر للمسمى الواحد من غير أن تشعر إحداهما بالأخرى، ثم يشتهر الوضعان، ويخفى الواضعان، أو يلتبس وضع أحدهما بوضع الآخر؛ وهذا مبني على كون اللغات اصطلاحية.

والثاني: أن يكون من واضع واحد وهو الأقل) [14].

خامساً: فوائد المترادف: لوقوع المترادف - عند القائلين به - فوائد عديدة ترجح ما ذهبوا إليه، وترد على من يقول بمنع وقوعه، ومن تلك الفوائد ما يلي [15]:

1 - أن تكثر الوسائل إلى الإخبار عما في النفس؛ فإنه ربما نسي أحد اللفظين، أو عسر عليه النطق به.

وكان واصل بن عطاء ألثغ، فلم يُحفظ عنه أنه نطق بالراء، ولولا المترادفات تعينه على قصده لما قدر على ذلك.

2 - التوسع في سلوك طرق الفصاحة، وأساليب البلاغة في النظم والنثر؛ وذلك لأن اللفظ الواحد قد يتأتى - باستعماله مع لفظ آخر - السجعُ، والقافيةُ، والتجنيس، والترصيع، وغير ذلك من أصناف البديع، ولا يتأتى ذلك باستعمال مرادفه مع ذلك اللفظ.

3 - المراوحة في الأسلوب، وطرد الملل والسآمة؛ لأن ذكر اللفظ بعينه مكرراً قد لا يسوغ، وقد يُمَجُّ، ولا يخفى أن النفوس موكلة بمعاداة المعادات.

4 - قد يكون أحد المترادفين أجلى من الآخر؛ فيكون شرحاً للآخر الخفي.

وقد ينعكس الحال بالنسبة إلى قوم دون آخرين.

5 - قد يكون أحد اللفظين أنسب للمقام من الآخر: وذلك كأن يكون في أحدهما غضاضةً، أو تعبيراً لشخص؛ فيُعْدَل عنه إلى اللفظ الآخر الذي ليس فيه غضاضة؛ فيؤدى الغرض ولا يخفى في ذلك من الذوق دون إساءة أو لمز ومراعاة المشاعر.

سادساً: المؤلفات في المترادف [16]: ألف في المترادف مجموعة من العلماء، منهم العلامة مجد الدين الفيروز بادي صاحب القاموس، حيث ألف كتاباً سماه (الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف).

وأفرد خلق من الأئمة كتباً في أشياء مخصوصة؛ فألف ابن خالويه كتاباً في أسماء الأسد، وكتاباً في أسماء الجنة.

أما الكتب التي تحدثت عن المترادف ضمناً فكثيرة، ومنها المزهر للسيوطي، حيث خصص النوع السابع والعشرين منه في معرفة المترادف.

سابعاً: أمثلة من المترادف [17]:

1 - العسل: له ثمانون اسماً أوردها صاحب القاموس في كتابه الذي سماه (ترقيق الأسل لتصفيق العسل).

ومن تلك الأسماء: العسل، والضَّرب، والضَّرَبة، والضَّريب، والشَّوب، والذَّوب، والحميت، والتحموت، والجَلْس، والورس، والشَّهد، والشُّهد، والماذي، ولعاب النحل، والرحيق، وغيرها.

2 - السيف: ومن أسمائه مما ذكره ابن خالويه في شرح الدريدية: الصارم، والرِّداء، والخليل، والقضيب، والصفيحة، والمُفَقِّر، والصمصامة، والكهام، والمشرفي، والحسام، والعضب، والمذكَّر، والمهند، والصقيل، والأبيض، وغيرها.

3 - يقال: أخذه بأجْمَعِه، وأجْمُعِه، وبحذافيره، وجذاميره، وجزاميره، وجراميزه، وبجملته.

4 - العمامة: ويقال: الشوذ، والسِّبّ، والعصابة، والتاج، والمِكْورة.

5 - وقال ابن السكيت: العرب تقول: لأقيمن ميلَك، وجنفك، ودرْأك، وصغاك، وصدَعك، وقذَلك، وضِلعك كله بمعنى واحد.

6 - ويقال: قُطعت يده، وجُذِمت، وبُتِرَت، وبُتِكت، وبُصِكت، وصُرِمت، وتُرَّت، وجُذَّت.

7 - ويقال: وقع ذلك في رُوعي، وخَلَدي، وَوَهْمي، بمعنى واحد.

8 - وفي أمالي ثعلب يقال: سويداء قلبه، وحبَّة قلبه، وسواد قلبه، وسوادة قلبه، وجُلجُلان قلبه، وسوداء قلبه بمعنى واحد.

9 - وفي الجمهرة: قال أبو زيد: قلت لأعرابي: ما المُحْبَنْطَى [18]؟ قال: المتكأكئ، قلت: ما المتكأكئ؟ قال: المتآزف، قلت ما المتآزف؟ قال: أنت أحمق.

[1] معجم مقاييس اللغة 2/ 503.

[2] التعريفات ص199.

[3] التعريفات ص56.

[4] التعريفات ص208.

[5] المزهر 1/ 402.

[6] التعريفات ص199.

[7] انظر الصاحبي 59 - 61، والمزهر 1/ 403 - 405.

[8] الخندريس والعقار: من أسماء الخمر.

[9] المزهر 1/ 403.

[10] انظر المزهر 1/ 405.

[11] الصاحبي ص59 - 60.

[12] المزهر 1/ 405.

[13] التدمرية ص102.

[14] المزهر 1/ 405 - 406.

[15] انظر المزهر 1/ 406.

[16] انظر المزهر 1/ 407.

[17] انظر المزهر 1/ 407 - 413.

[18] المحبنطى: السمين الضخم، ويقال: هو الممتلئ غيظاً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير