تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فرد هذا القول على قائله، واحتج عليه بأنه قد كتب: " إذا جاء نصر الله والفتح "، و " إنا أعطيناك الكوثر "، و " قل هو الله أحد " وهن يجرين مجرى المعوذتين في أنهن غير طوال، والحفظ إليهن أسرع، ونسيانهن مأمون، وكلهن يخالف فاتحة الكتاب، إذ الصلاة لا تتم إلا بقراءتها.

وسبيل كل ركعة أن تكون المقدمة فيها قبل ما يقرأ من بعدها، فإسقاط فاتحة الكتاب من المصحف، على معنى الثقة ببقاء حفظها، والأمن من نسيانها، صحيح، وليس من السور ما يجري في هذا المعنى مجراها، ولا يسلك به طريقها.

• وقال ابن حجر_ رحمه الله _ ():

وَأَخْرَجَ أَحْمَد عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش عَنْ عَاصِم بِلَفْظِ " إِنَّ عَبْد اللَّه يَقُول فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ " وَهَذَا أَيْضًا فِيهِ إِبْهَام.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد فِي زِيَادَات الْمُسْنَد وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيق الأَعْمَش عَنْ أَبِي إِسحَاق عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد النَّخَعِي قَالَ " كَانَ عبد اللَّه بن مَسْعُود يَحُكّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفه وَيَقُول إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَاب اللَّه. .

وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَزَّار وَفِي آخِره يَقُول " إِنَّمَا أُمِرَ النَّبِيّ ? أَنْ يَتَعَوَّذ بِهِمَا " قَالَ الْبَزَّار: وَلَمْ يُتَابِع اِبْن مَسْعُود عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَة. وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيّ ? أَنَّهُ قَرَأَهُمَا فِي الصَّلاة.

قال ابن حجر: هُوَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ عُقْبَة بْن عَامِر وَزَادَ فِيهِ اِبْن حِبَّان مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عُقْبَة بْن عَامِر " فَإِنْ اِسْتَطَعْت أَنْ لَا تَفُوتك قِرَاءَتهمَا فِي صَلاة فَافْعَل "

وَأَخْرَجَ أَحْمَد مِنْ طَرِيق أَبِي العلاء بْن الشِّخِّيرِ عَنْ رَجُل مِنْ الصَّحَابَة " أَنَّ النَّبِيّ ? أَقْرَأَهُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَقَالَ لَهُ: إِذَا أَنْتَ صَلَّيْت فَاقْرَأْ بِهِمَا " وَإِسْنَاده صَحِيح.

وَلِسَعِيدِ بْن مَنْصُور مِنْ حَدِيث مُعَاذ بْن جَبَل " أَنَّ النَّبِيّ ? صَلَّى الصُّبْح فَقَرَأَ فِيهِمَا بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ ".

وَقَد تَأَوَّلَ القَاضِي أَبُو بَكْر الْبَاقِلانِيّ فِي كِتَاب " الانتصَار " وَتَبِعَهُ عِيَاض وَغَيْره مَا حُكِيَ عَنْ اِبْن مَسْعُود فَقَالَ: لَمْ يُنْكِر اِبْن مَسْعُود كَوْنهمَا مِنْ الْقُرْآن وَإِنَّمَا أَنْكَرَ إِثْبَاتهمَا فِي الْمُصْحَف، فَإِنَّهُ كَانَ يَرَى أَنْ لا يَكْتُب فِي الْمُصْحَف شَيْئًا إِلا إِنْ كَانَ النَّبِيّ ? أَذِنَ فِي كِتَابَته فِيهِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغهُ الإِذْن فِي ذَلِكَ، قَالَ: فَهَذَا تَأْوِيل مِنْهُ وَلَيْسَ جَحْدًا لِكَوْنِهِمَا قُرْآنًا. وَهُوَ تَأْوِيل حَسَن إِلا أَنَّ الرِّوَايَة الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة الَّتِي ذَكَرْتهَا تَدْفَع ذَلِكَ حَيْثُ جَاءَ فِيهَا: وَيَقُول إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَاب اللَّه. نَعَمْ يُمْكِن حَمْل لَفْظ كِتَاب اللَّه عَلَى الْمُصْحَف فَيَتَمَشَّى التَّأْوِيل الْمَذْكُور.

وَقَالَ غَيْر الْقَاضِي: لَمْ يَكُنْ اِخْتِلَاف اِبْن مَسْعُود مَعَ غَيْره فِي قُرْآنِيَّتهمَا، وَإِنَّمَا كَانَ فِي صِفَة مِنْ صِفَاتهمَا اِنْتَهَى.

وَغَايَة مَا فِي هَذَا أَنَّهُ أَبْهَمَ مَا بَيَّنَهُ الْقَاضِي. وَمَنْ تَأَمَّلَ سِيَاق الطُّرُق الَّتِي أَوْرَدْتهَا لِلْحَدِيثِ اِسْتَبْعَدَ هَذَا الْجَمْع.

وَأَمَّا قَوْل النَّوَوِيّ فِي شَرح الْمُهَذَّب: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَالْفَاتِحَة مِن الْقُرْآن، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ مِنْهُمَا شَيْئًا كَفَرَ، وَمَا نُقِلَ عَنْ اِبْن مَسْعُود بَاطِل لَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَفِيهِ نَظَر، وَقَدْ سَبَقَهُ لِنَحْوِ ذَلِكَ أَبُو مُحَمَّد بْن حَزْم فَقَالَ فِي أَوَائِل " الْمُحَلَّى ": مَا نُقِلَ عَنْ اِبْن مَسْعُود مِنْ إِنْكَار قُرْآنِيَّة الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَهُوَ كَذِب بَاطِل. وَكَذَا قَالَ الْفَخْر الرَّازِيَُّ فِي أَوَائِل تَفْسِيره: الأغلب عَلَى الظَّنّ أَنَّ هَذَا النَّقْل عَنْ اِبْن مَسْعُود كَذِب بَاطِل. وَالطَّعْن فِي الرِّوَايَات الصَّحِيحَة بِغَيْرِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير