وإن جاء شيء من ذلك وصرح صاحبه أنه هو المراد فهو من أرباب الأحوال الذين لا يفرقون بين الاعتبار القرآني والوجودي وأكثر ما يطرأ هذا لمن هو بعد في السلوك سائر على الطريق لم يتحقق بمطلوبه , ولا اعتبار بقول من لم يثبت اعتبار قوله من الباطنية وغيرهم
وللغزالي في مشكاة الأنوار وفي كتاب الشكر من الإحياء وفي كتاب جواهر القرآن في الاعتبار القرآني وغيره ما يتبين به لهذا الموضع أمثلة فتأملها هناك والله الموفق
وللسنة في هذا النمط مدخل فإن كل واحد منهما قابل لذلك الاعتبار المتقدم الصحيح الشواهد وقابل أيضا للاعتبار الوجودي فقد فرضوا نحوه في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة) , إلى غير ذلك من الأحاديث ولا فائدة في التكرار إذا وضح طريق الوصول إلى الحق والصواب) اه
-الحافظ ابن حجر:
في فتح الباري 8/ 736 في شرحه لحديث ابن عباس المشهور في تفسير: إذا جاء نصر الله وأن فيها إشارة لأجَل النبي صلى الله عليه وسلم وقصة ابن عباس مع عمر وأهل الشورى قال الحافظ: (وفيه جواز تأويل القرآن بما يفهم من الإشارات , وإنما يتمكن من ذلك من رسخت قدمه في العلم ولهذا قال علي رضي الله تعالى عنه: أو فهما يؤتيه الله رجلا في القرآن) اه
-الإمام الزركشي:
قال الزركشي في البرهان في علوم القرآن 2/ 170: (تنبيه: في كلام الصوفية في تفسير القرآن: فأما كلام الصوفية في تفسير القرآن فقيل ليس تفسيرا وإنما هي معان ومواجيد يجدونها عند التلاوة كقول بعضهم في (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار): إن المراد النفس فأمرنا بقتال من يلينا لأنها أقرب شيء إلينا وأقرب شيء إلى الإنسان نفسه قال ابن الصلاح في فتاويه: ... ) اه ثم ذكر كلام ابن الصلاح السابق مقرا مستدلا به
-الإمام التفتازاني والإمام السيوطي:
قال السيوطي في الإتقان 2/ 485: (وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير قال ابن الصلاح ... قال التفتازاني في شرحه [على النسفي]: سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها بل لها معان باطنية لا يعرفها إلا المعلم وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية
قال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان) اه وكلام السعد في شرح النسفية ص 142
-الإمام ابن عجيبة شارح الحكم:
قال في شرح الحكم ص 366: (كثيرا ما يستدل الصوفية بهذه الآية [قل الله ثم ذرهم] على الانقطاع إلى الله والغيبة عما سواه وهو تفسير إشاري لا تفسير معنى اللفظ لأنها نزلت في الرد على اليهود ...
والصوفية - رضي الله عنهم - يقرون الظاهر ويقتبسون إشارات خفية لا يعرف مقصودهم غيرهم ولذلك رد عليهم بعض المفسرين حيث لم يعرف قصدهم (قد علم كل أناس مشربهم) اه
وقال ابن عجيبة أيضا في شرح الحكم ص 80: (ثم تلى الشيخ هذه الآية (قل الله ثم ذرهم ... ) على طريق أهل الإشارة , قل: الله بقلبك وروحك وغب عما سواه ثم ذر الناس أي اتركهم في خوضهم يلعبون أي يخوضون في السوى لاعبين في الهوى , وقد اعترض بعض المفسرين على الصوفية استشهادهم بهذه الآية ولم يفهم مرادهم (قد علم كل أناس مشربهم!) اه
وقال أيضا ص 212: (وأما تفسير أهل الباطن فهو إشارة لا تفسير معنى) اه
-الشيخ بن عاشور:
قال ابن عاشور في تفسيره 1/ 16: (أما ما يتكلم به أهل الإشارات من الصوفية في بعض آيات القرآن من معان لا تجري على ألفاظ القرآن ولكن بتأويل ونحوه فينبغي أن تعلموا أنهم ما كانوا يدعون أن كلامهم في ذلك تفسير للقرآن بل يعنون أن الآية تصلح للتمثل بها في الغرض المتكلم فيه وحسبكم في ذلك أنهم سموها إشارات ولم يسموها معاني ... ) اه
وقال أيضا في تفسيره 1/ 17: (فنسبة الإشارة إلى لفظ القرآن مجازية لأنها إنما تشير لمن استعدت عقولهم وتدبرهم في حال من الأحوال الثلاثة ولا ينتفع بها غير أولئك فلما كانت آيات القرآن قد أنارت تدبرهم وأثارت اعتبارهم نسبوا تلك الإشارة للآية. فليست تلك الإشارة هي حق الدلالة اللفظية والاستعمالية حتى تكون من لوازم اللفظ وتوابعه كما قد تبين.) اه
-الشيخ الزرقاني:
¥