تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فمن سمع قول الله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون) وقال: إنه اللوح المحفوظ أو المصحف , فقال: كما أن اللوح المحفوظ الذي كتب فيه حروف القرآن لا يمسه إلا بدن طاهر فمعاني القرآن لا يذوقها إلا القلوب الطاهرة وهى قلوب المتقين كان هذا معنى صحيحا واعتبارا صحيحا ...

وكذلك من قال: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا جنب فاعتبر بذلك أن القلب لا يدخله حقائق الإيمان إذا كان فيه ما ينجسه من الكبر والحسد فقد أصاب) اه

-الإمام ابن القيم:

قال ابن القيم في المدارج 2/ 406: (الإشارات: هي المعاني التي تشير إلى الحقيقة من بعد، ومن وراء حجاب , وهي تارة تكون من مسموع , وتارة تكون من مرئي , وتارة تكون من معقول , وقد تكون من الحواس كلها.

فالإشارات: من جنس الأدلة والأعلام , وسببها: صفاء يحصل بالجمعية فيلطف به الحس والذهن فيستيقظ لإدراك أمور لطيفة لا يكشف حس غيره وفهمه عن إدراكها.

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: الصحيح منها: ما يدل عليه اللفظ بإشارته من باب قياس الأولى.

قلت: مثاله قوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون) , قال [ابن تيمية]: والصحيح في الآية أن المراد به الصحف التي بأيدي الملائكة ... لكن تدل الآية بإشارتها على أنه لا يمس المصحف إلا طاهر. لأنه إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إلا المطهرون لكرامتها على الله فهذه الصحف أولى أن لا يمسها إلا طاهر ...

ومن هذا: أن استقبال القبلة في الصلاة شرط لصحتها وهي بيت الرب , فتوجه المصلى إليها ببدنه وقالبه شرط , فكيف تصح صلاة من لم يتوجه بقلبه إلى رب القبلة والبدن؟ بل وجه بدنه إلى البيت ووجه قلبه إلى غير رب البيت.

وأمثال ذلك من الإشارات الصحيحة التي لا تنال إلا بصفاء الباطن وصحة البصيرة وحسن التأمل. والله أعلم.) اه

وقال في المدارج أيضا 2/ 431: (قال صاحب المنازل: (قال الله تعالى: (واذكر ربك إذا نسيت) يعني: إذا نسيت غيره ونسيت نفسك في ذكرك ثم نسيت ذكرك في ذكره ثم نسيت في ذكر الحق إياك كل ذكر) ... كلام صاحب المنازل يحمل على الإشارة لا على التفسير ... ) اه

-الإمام الشاطبي:

قال في الموافقات وقد ذكر نماذج من التفسير الإشاري عن سهل التستري 3/ 398: (ولكن له وجه جار على الصحة وذلك أنه لم يقل إن هذا هو تفسير الآية ولكن أتى بما هو ند في الاعتبار الشرعي الذي شهد له القرآن من جهتين:

إحداهما: أن الناظر قد يأخذ من معنى الآية معنى من باب الاعتبار فيجريه فيما لم تنزل فيه لأنه يجامعه في القصد أو يقاربه ... ) اه

ثم قال 3/ 403: ( ... وإنما احتيج إلى هذا كله لجلالة من نقل عنهم ذلك [أي التفسير الإشاري] من الفضلاء وربما ألمّ الغزالي بشيء منه في الإحياء وغيره وهو مزلة قدم لمن لم يعرف مقاصد القوم فإن الناس في أمثال هذه الأشياء بين قائِلَينِ:

- منهم من يصدق به ويأخذه على ظاهره ويعتقد أن ذلك هو مراد الله تعالى من كتابه وإذا عارضه ما ينقل في كتب التفسير على خلافة فربما كذب به أو أشكل عليه

- ومنهم من يكذب به على الإطلاق ويرى أنه تقوّل وبهتان مثل ما تقدم من تفسير الباطنية ومن حذا حذوهم وكلا الطريقين فيه ميل عن الإنصاف) اه

ثم قال 3/ 404 – 406: (فنقول: إن تلك الأنظار الباطنة في الآيات المذكورة إذا لم يظهر جريانها على مقتضى الشروط المتقدمة [شروط قبول التفسير] فهي راجعة إلى الاعتبار غير القرآني وهو الوجودي ويصح تنزيله على معاني القرآن لأنه وجودي أيضا فهو مشترك من تلك الجهة غير خاص فلا يطالب فيه المعتبر بشاهد موافق إلا ما يطالبه المربي وهو أمر خاص وعلم منفرد بنفسه لا يختص بهذا الموضع فلذلك يوقف على محله , فكون القلب جارا ذا قربى والجار الجنب هو النفس الطبيعي , إلى سائر ما ذكر [التستري] يصح تنزيله اعتباريا مطلقا فإن مقابلة الوجود بعضه ببعض في هذا النمط صحيح وسهل جدا عند أربابه غير أنه مغرر بمن ليس براسخ أو داخل تحت إيالة راسخ

وأيضا فإن من ذكر عنه مثل ذلك من المعتبرين لم يصرح بأنه المعنى المقصود المخاطب به الخلق بل أجراه مجراه وسكت عن كونه هو المراد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير