تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[13 Aug 2007, 08:06 م]ـ

رحلة القرآن العظيم (16)

تناول القرآن العظيم بين دفتيه مجموعة من الأخبار والأنباء والقصص كما بينَّا في الحلقة الماضية، وقد قص علينا أحوال شعوب سادت ثم بادت، منها ما بقيت آثاره ومنها ما اندثر وفني ولم يعد له وجود.

وقد أمرنا الله -عز وجل- لنسير في أرجاء الأرض نستكشف العوالم ونأخذ العبرة من الماضي الذي بقيت بعض شواهده، ومن ذلك أن عرب مدين الذين كانوا يسكنون أرض معان من أطراف الشام كانوا يعبدون الأيكة، الغابة من الشجر، ويشركون ويكفرون بالله الواحد القهار وكانوا يبخسون الناس أشياءهم وإذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، حتى بعث الله فيهم شعيبًا رسولاً وآزره بالمعجزات وأيده بالبينات.

فدعاهم لعبادة الله وترك الشرك، وأمرهم بالعدل ونهاهم عن الظلم وذكرهم بنعمة الله عليهم وخوفهم نقمته وعذابه فاستهزءوا به وتهكموا وقالوا له: يا شعيب لن نترك ما تعودنا عليه ونتبعك وما تدعونا إليه وما أنت إلا مشعوذ ساحر كذاب، وإن كنت صادقًا فيما تدعيه فاطلب من ربك أن ينزل العذاب لنرى.

استجاب الله دعاء شعيب الذي دعاه، وآزره الله بنصره فابتلاهم بارتفاع درجات الحرارة فلم يروهم ماء ولم يمنعهم ظل ففروا من ديارهم هاربين مسرعين من هول ما رأوه من العذاب، ورأوا سحابة فظنوها أنها ستقيهم من حر الشمس اللاهبة، واجتمعوا تحتها فجاءتهم الصيحة منها ورمتهم بشرر وشهب فأصبحوا أثرًا بعد عين، وقال: ? يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ? [الأعراف: 93].

ويطوف القرآن العظيم في سرد أخبار الأنبياء من الرسل، ويذكر بالتفصيل قصة سيدنا موسى -عليه السلام- وعناءه وتعبه مع قومه من بني إسرائيل في سورة القصص، يقول تعالى: ? طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَّبَأِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) ? [القصص: 1 - 4]، ويذكر القرآن العظيم مولد موسى -عليه السلام- وخوف أمه عليه فتلقيه في اليم وتقص أخته أثره، ويحرم الله -سبحانه وتعالى- عليه المراضع فترضعه أمه ويتكفل فرعون بتربيته، ولما بلغ أشده آتاه الله العلم والحكمة، واتجهت إليه أنظار المستضعفين ليكون لهم نصيرًا.

ويخرج لأرض مدين بعد أن ائتمر به القوم ليقتلوه، وهناك يلقى الاطمئنان والاستقرار ويتزوج، ثم يجمع متاعه مع زوجه ويعود لمسقط رأسه ويلقى في طريقه نارًا من جهة الطُّور، وهناك يكلم رب العزة فيصبح كليم الله ويخصه الله بكرامة النبوة والخوارق والمعجزات، وكانت عصاه أولى الخوارق، ويدخل الأرض التي نشأ بها ليبدأ حوارًا مع فرعون وليدعوه لعبادة الله الواحد القهار، ويلقى ما يلقى من فرعون والسحرة، ويعاند فرعون أمام المعجزات والحقائق التي يراها، ويقرر البطش بموسى وقومه.

ويخرج موسى مع قومه فارًّا بدينه ويفرق الله له البحر وينطبق البحر على فرعون وتستقر عصا التسيار بموسى ومن معه بطور سيناء، وهناك يأخذ الألواح ويتبع قومه السامري فيعبدون العجل ثم يستغفرون ربهم ويتبعون موسى ويتيهون في الصحراء، ويمتحنهم الله سبحانه بذبح البقرة، ويلتقي موسى مع صاحب العلم الذي يصحبه في رحلة فيها من الأسرار ما يخفى على موسى الذي يتعلم من خلالها أن العلم واسع لا يمكن الإحاطة به مهما أوتي من نصيب، ? ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ? [الكهف: 82].

ويختار القرآن العظيم قصة قارون من قوم موسى فيحدثنا عما حل به، وكيف ينتهي الظالم المتكبر الذي يذل العباد إلى قرار الجحيم، كما ينبئنا القرآن العظيم عن خبر طالوت في سورة البقرة ولقائه مع داود الذي ألان الله له الحديد، قال تعالى: ? وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ? [الأنبياء: 80].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير