رابعاً: إن استطعت الجمع بين جيد الإخراج وجودة التحقيق فحسن، فإن لم؛ فلا يغُرَّنك بهاء حلته سوء بضاعة محققه (أو عدمه)؛ فيُنسِيك جودة التحقيق بالإخراج العتيق!
وهذه رتوش.
وفي ما ذكر كفاية.
فرحم الله ابن جماعة رحمة واسعة، ونفعنا بعلومه ومصنفاته الكثيرة، إنه سبحانه خير مسؤول.
وإلى ترجمة اخرى إن شاء الله
والله أعلم
ـ[أبو العالية]ــــــــ[06 Jun 2007, 10:34 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
4_ (24) إبراهيم بن يحيى بن المبارك اليَزِيدِي، أبو إسحاق بن أبي محمد النحوي بن النحويّ (ت 225هـ)
1. وجوب العناية بالمؤلَّفات وإدامة النظر فيها (دعوة للتريث في التأليف):
قال الداودي رحمه الله عنه نقلاً عن الخطيب: (وصنَّف: (ما اتفق لفظه واختلف معناه) ابتدأ فيه وهو ابن سبع عشرة سنة، ولم يزل يعمل فيه إلى أن أتت عليه ستون سنة!) (1/ 26)
قال مُقَيِّدُه غفر الله له:
فيه دعوة إلى وجوب الاعتناء بالمصنَّفات، وإدامة النظر فيها، وعدم الاكتفاء بطبعها، ومن ثمَّ التفرغ لمشاريع علمية اخرى؛ ولذلك جملة من الفوائد:
أولاً: أن العلم بحر كبير، ولا يزال الناهل منه كل يوم يُبْدى له الكثير الكثير؛ فيحسن به أن يعيد النظر في كتابه، ما بين تنقيح، أو حسن ترتيب، أو إضافة.
ثانياً: قد يكون المؤلف أثبت مسألة (على أنها من أحسن ما عنده من العلم) ومع المطالعة والنظر تبيَّن له رجحان ما ظنَّه راجحاً؛ فيعمد إلى التصويب والتغيير للدليل الأقوى والأصوب الصحيح.
ثالثاً: أن في مداومة النظر في المصنفات، بقاء المسائل في الرأس!
ولا تعجب من هذه النكتة؛ فقد غدا اليوم أصحاب المؤلفات الكثيرة!! (عفواً المسروقة) يجهلون بعض ما في مصنفاتهم اليسيرة (كتيبات صغيرة!!)، والطامة أنها حديثة عهد بنشر!!
فقلي بربك: أهذا يُصدَّق أنه هو من ألَّف؟!
ما أعرفه وتعلمته من مشايخي ومن أهل العلم _ وما رست بعضه _ ان المؤلَّف كالابن، يعرف صاحبه كل صغيرة وكبيرة فيه؛ من طول النظر، وإنعام الفكر، وكثرة البحث والجلد في كتابه.
وكنت أعجب أحياناً من بعض كبار مشايخنا، نسيانهم بعض المسائل والنُّكات العلمية، مع أنهم أودعوها في مصنَّفاتهم؛ فكنت ألتمس العذر لهم بتقدم العمر، وتقدم سنة الطبع، غير أني لهذا الفعل غير مقتنع! والأولى تعاهد المؤلِّف لمؤلَّفه؛ ليكن على استحضار تام بما كتب؛ فإنه يعيب على من كتب في باب أن ينسى ما في هذا الباب!
والله أعلم
ـ[أبو العالية]ــــــــ[07 Jun 2007, 11:28 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
4_ (25) أحمد بن إبراهيم بن الزُّبير بن محمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي، أبو جعفر الأستاذ رحمه الله (627_ 708هـ)
صاحب: (ملاك التأويل)
1. النُّصْحُ في الطَّلب:.:
1_ قال الداودي رحمه الله عنه: (أقرأ القرآن، والنحو، والحديث بمالقه، وغرناطة وغيرهما، وكان كثير الإنصاف، ناصحاً في الإقراء)) (1/ 27)
قال مُقَيِّدُه غفر الله له:
وهذه نكتةٌ عالية عزيزة؛ فالنصح من أبرز سمات المؤمنين، وهي سمة رفيعة عالية، يُوْدِعُها الله في قلوب أوليائه.
ولا يطيقها إلا من رزقه الله خيراً كبيراً، ولا تأتِ إلا بعد مجاهدة وصدق مع الله تبارك وتعالى، ولذا كان من جملة ما بايع جرير رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن قال: (والنصح لكل مسلم) وهذه إشارة لنقاء القلب من الغل والغش، وسلامة الصدر للمسلمين، وهي مرتبة شريفة، لا توجد في القلب إن كان فيه دخن الغل والحقد للمسلمين.
وهذه السمة الإيمانية لعلو رتبتها ومكانتها؛ ما دفع جرير رضي الله عنه أن يَعُدّها من جملة الأعمال الكبيرة الفضل، والتي قرنها مع الصلاة والزكاة.
هذا في حق النصح عموماً.
وأما النصح في الطلب؛ فيكون في أمور:
أولاً: النصح في اختيار الشيخ، والدِّلالة على الأعلم، والأفضل، والأجود المُتقِن، والأَخْيَر من ذلك: (الأتقى)
ثانياً: في اختيار الرفيق في الطلب؛ فالصاحب الطيب المبارك في الطلب من أعظم الأسباب لنيل العلم والتزود منه. وقصة ابن عباس مع صاحبه خير شاهد.
وقد ورد عن الإمام أحمد رحمه الله، حين سأله أحد تلامذته عن طلب العلم؛ فقال: خير، ولكن انظر من يصحبك فيه؟!
¥