الأول: الدليل إلى المتون العلمية، للشيخ القاسم فهو نفيس جداً. و يُضفي على معرفة الطالب علماً جمَّاً، وكتب مقدمة نافعة في أهمية المتون والعناية بها، وأوقات الحفظ، وما يعين عليه، وبعض النفائس التي يفتقر إليها كل من رغب في العلم.
والثاني: جامع المتون العلمية، للشيخ الشمراني؛ فقد ضبط المتون ضبطاً جيداً، وأراه من أفضل الموجود؛ اعتماداً على أنقح الطبعات وبعض المخطوطات.
وأهيب بالإخوة الفضلاء، العناية بالمتون المختصَّة بالتفسير وعلوم القرآن، سيَّما مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (طبعة د. زرزور أضبطها) فمن حفظها واعتنى بها ستسهل عليه كثيراًمن مسائل هذا الفن.
ومنظومة الزمزمي، ثم منظومة الشيخ المتفنن خطيب الحرم الشيخ سعود الشريم؛ والأخيرة رائعة جزلة لطيفة.
ولو أضاف بعض الأبيات هنا وهناك في أبواب معينة مثلاً من علوم القرآن أو قواعد التفسير لكان حسناً، مثل الأبيات التي صاغها السيوطي في آيات النسخ (وشرحها الشيخ الشنقيطي رحمه الله) أو بعض أبيات في سور القرآن مثلاُ (كمنظومة الترتيب) أو في موافقات عمر
والشواهد كثيرة جداً (خاصة في كتب التراجم)، فإن تمكَّن طالب التفسير منها، ظهرت ملامح البروز والتميز في سيرته إن شاء الله. والموفق من وفقه ربه.
2_أهمية العناية باللقاءات والحرص على الاستفادة منها:
قال الداودي رحمه الله عنه متمماً كلام الحافظ شهاب الدين السابق: (ويشارك في العربية مشاركة جيدة، وينظم الشعر، وما أعرف أني اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلا واستفدتُ منه) (1/ 113)
قال مُقَيِّدُه غفر الله له:
وهذه لفتة طيِّبة موفقة؛ فيها فائدتان:
الأولى: الحرص الشديد على الاعتناء بلقاء العلماء، والتفنُّنِ في اقتناص الفوائد، وهذا يحتاج إلى ذِهْن متفتِّحٍ، وفراسة قوية، وحُسْن إدراكٍ، وقبل هذا كلّه، الرغبة في الفائدة؛ فطالب العلم يستفيد من العالم في كل شيء، في جلوسه، وقيامه، ومشيته، ونظره، ووقوفه، وكلامه، ودعابته، ومزاحه، ولو كان في غير العلم؛ فثمة فوائد لطيفة تنبع من وراء ذلك، لمن أحسن النظر، وأجال الفِكَر، وهو بهذ يتحاج لمنقاشٍ صحيح، يُحسِن به إبراز النكتة، ويجيد وضعها في المكان المناسب من النَّفس للتَّأسي بذلك.
ولقد ضرب أهل الحديث في هذا الشان روائع وعجائب؛ فكان أحدهم يكتب كل شيءٍ عن شيخه في حلِّه وترحاله! وقد يعيب عليهم من أقرانهم من ليس بنابهٍ مثلهم! بيد أنهم قد فُوفِّقُوا لذلك وانتفعوا به، وأحسنوا توظيف الفوائد في سلوكهم، وحياتهم، ومعاشهم؛ فرحمهم الله تعالى.
ورزقنا فهماً كحسن فهم، وحرصاً كحرصهم، وصلاحاً كصلاحهم.
الثانية: مما يجب على طالب العلم، الحريص على وقته، أن يستغل مثل هذه اللقاءات، لا أن تكون خالية من الفائدة، والعلم، وتبادل المعرفة؛ فهذا يُضَيِّع كثيراً من الوقت (وكم ضيعنا كثيراً نسأل الله السلامة والعافية والمغفرة)، وسيسأل عنه يوم القيامة. فالله الله في اللقاءات معاشر المفسرين.
وقد كنتُ أسمع عن الشيخ العلامة الدكتور بكر أبو زيد أمده الله بالعافية، موقفاً عجباً، أثَّر ذلك علىَّ كثيراً؛ فحين زاره بعض الإحبَّة للقائه والجلوس معه، يخبرني أحدهم فيقول:
جلسنا مع الشيخ وكان كلامنا:
كيف حال الشيخ؟
وعلوم الشيخ؟
ونحبك في الله يا شيخ.
وأخبار الشيخ؟
ولا أسئلة عندنا!!)
فلمَّا طال الجلوس بلا مسائل علمية يقول صاحبي:
فقال الشيخ: هل عندكم أسئلة، أو مسائل في العلم؛ فننتفع، وإلا فهناك ما يشغلني من العلم، وبعض الأمور بحاجة لإتمام.
يقول صاحبي: فتقطَّعنا حياءً، واعتذرنا من الشيخ وسلمنا عليه، وانصرفنا. أهـ
فما زالتُ أنتفع بهذا الموقف من سنين؛ فجزى الله الشيخ الذي بمثل هذا الحرص أخرج لنا درراً نافعة طيبة، كانت ثمرة لجرد مطولات لا تكون إلا بالحرص على الأوقات.
وجزى الله صاحبي فقد استفدتُ منه درساً طيباً.
فاللهَ أسألُ أن يجعل أعمالنا صالحة في رضاه، وأن يجعل لقاءنا في مرضاته، إن خير مسؤول، وهو بكل كفيل جميل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وأقف بهذه الترجمة؛ لحين العودة من السفر إن شاء الله
فنستودع الله أهل الملتقى الأخيار الذي لا تضيع ودائعه.
ـ[أحمد العاني]ــــــــ[22 Jun 2007, 05:27 م]ـ
جزاكم الله تعالى خيرًا أخي المبارك، فوائد عذاب أسأل الله تعالى أن ينفع بها جامعها و قارئها.
ـ[النجدية]ــــــــ[27 Jun 2007, 09:16 ص]ـ
أستاذنا الفاضل ...
إن ما حفظناه و تعلمناه عن تاريخ ولادة العلامة (ابن كثير)، أنها كانت سنة (700ه)، و وفاته سنة (774ه)! - والله أعلم -
سؤالنا: هل ما قيدتموه من أن حياته كانت بين (591 - 680ه)، هي الأصح الراجح؟ أم أن هناك خطأ مطبعيا؟
أفيدونا ... جزيتم خيرا
¥