وقد خص د. عبد الهادي حميتو في بحثه الماتع " قراءة الإمام نافع عند المغاربة من رواية أبي سعيد ورش" هذه القصيدة بشرح شامل في الفصل الخامس من الجزء الثالث جزاه الله بكل خير.
و النسخة التي اطلعنا عليها من هذا العمل عبارة عن قصيدة لامية نقتطف منها:
بدأت بحمد الله معتصما به ... نظاما بديعا مكملا ومسهلا
وثنيت بعد بالصلاة على الرضا ... محمدنا والآل والصحب والملا
وبعد فلما كان مقرأ نافع ... أجل مقارئ القرءان وأفضلا
لما قيل فيه: إنه سنة بدار ... هجرة خير المرسلين وكيف لا
وقد أخذ الثبت المقدم مالك ... به لا سواه من مقارئها العلا
أتيت بنظمي في روايته التي ... بعشر سمت مما يكون محصلا
رواية ورش ثم قالون مثله ... والأنصاري إسماعيل إسحافهم ولا
فالاثنان منهم الأولان ثلاثة ... لكل وباقيهم له اثنان فاعقلا
فورش روى عنه قل الأزرق الرضا ... وعبد الصمد والأصبهاني تنقلا
وقالون يروي عنه فاعلم أبو نشيطهم ... وحلوانيهم قد تأثلا
ونجل لإسحاق بقاضيهم سما ... والأنصاري إسماعيل عنه تقبلا
(من أراد الاطلاع على القصيدة كاملة فهي منشورة في بحث د. عبد الهادي حميتو المذكور و يمكنكم تحميلها من منتدى الكتب و البحوث و المخطوطات – مشاركة أخينا الطيب وشنان بارك الله فيه -)
و القصيدة مقسمة إلى أبواب مثل باب الإستعاذة، باب البسملة، باب ميم الجمع، وباب المد و القصر ... الخ و يبدوا أن محمد الوهراني قد شرح هذه القصيدة أو شرح (مورد الظمآن) للخراز لأننا وجدنا له ما يدل على ذلك (6).
كما ألف أحمد بن ثابت هذا رسالة في القراءات، لا تزال مخطوطة بالمكتبة الوطنية، وقد سماها: "الرسالة الغراء في ترتيب أوجه القراء"
و كان محمد بن توزينت العبادي التلمساني من القراء المشاهير أيضا و قد عرف عنه العلم و الجهاد أيضا ذلك أنه توفى مجاهدا ضد الإسبان سنة 1118 أي أثناء الفتح الأول لوهران أما عمله و خصوصا في القراءات فيكفي أنه أخرج فيه تلميذه أحمد بن ثابت الذي لعله فاق أستاذه شهرة فيه و كما تخرج على ابن توزينت العشرات من التلاميذ فقد ألف تقييدا في القراءات أيضا لعله كان الحافز الرئيسي لتلاميذه لكي يحتذوا حذوه غير أننا لم نستطع أن نطلع على هذا التقييد لأن النسخة التي حاولنا الرجوع إليها منه مفقودة الآن (7) و قد و جدنا في التعريف بهذه النسخة أن صاحبها هو محمد بن علي بن توزينت وانه قد تتلمذ على السنوسي [و هذا وهم، وذلك راجع للمسافة الزمنية الطويلة التي تفصل بينهما و الصحيح أن يقال إنه تلميذ لتلاميذ السنوسي].
أما تلميذه أحمد بن ثابت صاحب ((الرسالة الغراء في ترتيب أوجه القراء)) فلا نعرف عن حياته إلا القليل أيضا فقد ذكر بعض المعلومات عن نفسه في رسالته المذكورة مثل قراءته على شيخه ابن توزينت و ممن نوهوا به أبو راس الناصر الذي وصفه بالعلم الغزير و الجهاد أيضا فقد أخبر عنه أنه من أهل تلمسان و أنه من القائمين بواجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر وقد حارب مع أهل تلمسان المعتدين "حتى دوخهم" و قد مات من أجل ذلك عدد كثير من الطُلْبَة [بضم ثم سكون ففتحة] (وهو مصطلح جزائري يقصد به العلماء و تلاميذهم) و أنه قاد الطلبة في الحرب ضد الإسبان في وهران مثل شيخه ابن توزينت كما اعتبره أبو راس شيخ مشائخه و قال عنه إنه ترك تلاميذ في القراءات و إنه كان من سلالة سلاطين تلمسان و قد توفي ابن ثابت في منتصف القرن الثاني عشر غير أن عبد الرحمان الجبرتي قد حدد تاريخ وفاته بسنة 1151 (8) و قد أورد الجبرتي بعض المعلومات التي تكمل معلوماتنا عن ابن ثابت فهو عنده "الأستاذ العارف أحمد بن عثمان بن علي بن محمد بن أحمد العربي الأندلسي التلمساني الأزهري المالكي" و نلاحظ أن الجبرتي لم يذكر كلمة "ثابت" في هذه السلسلة كما نلاحظ أنه قال إنه أخذ الحديث عن علماء المغرب العربي و مصر و الحرمين و تصدر للتدريس في هذه الأماكن، بقي علينا أن نتساءل هل أن أحمد بن ثابت عند أبي راس هو نفسه أحمد بن عثمان عند الجبرتي إن تطابق العصر و تاريخ الوفاة و النسبة إلى تلمسان تجعلنا نرجع أن الاسمين لشخص واحد.
¥