الشبه الإهمالي: وهو كون الاسم لا عاملا ولا معمولا، فأشبه الحروف غير العاملة من هذا الوجه، ومثل له النحاة بأوائل السور، وهذا جار، كما يقول الشيخ محيي الدين، رحمه الله، على القول بأن: فواتح السور لا محل لها من الإعراب، لأنها من المتشابه الذي لا يدرك معناه.
والشبه اللفظي: كـ: "حاشا" الاسمية التي بنيت فرعا عن شبهها بـ: "حاشا" الحرفية.
انظر: "منحة الجليل"، (1/ 32).
&&&&&
ومن صور الشبه أيضا:
شبه: "إن" الناسخة بـ: "كان"، إذ الأصل في الحرف أن يوضع على حرف أو حرفين، كما تقدم، فلما وضعت النواسخ الحرفية على أكثر من حرف، فضلا عن تضمنها معان تؤدى بالأفعال كدلالة: "إن" على التوكيد، و "كأن" على التشبيه، صارت فرعا على النواسخ الفعلية، فتعدت لأكثر من معمول مع ضعفها، ولكنها لم تلحق بالأصل الذي قيست عليه من كل وجه، فامتازت النواسخ الفعلية عنها برفع الاسم ونصب الخبر، بينما نصبت هي الاسم ورفعت الخبر، والشاهد أنها اكتسبت من المشبه به العمل في أكثر من معمول، وتلك قوة في العمل لا توجد في معظم الحروف.
&&&&&
ومن ذلك شبه المضارع الواقع في جواب: "إن" بالاسم، فساغ دخول اللام المزحلقة عليه في نحو قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ).
&&&&&
ومنه شبه الماضي في قول الشاعر:
دامن سعدك لو رحمت متيما
بالدعاء، وهو أحد صور الأمر، فتقدير الكلام: أدام الله سعدك، أو اللهم أدم سعدك، فساغ توكيده بالنون، وإن كان توكيد الماضي بالنون ضرورة لا يقاس عليها في الاختيار.
&&&&&
ومنه شبه اسم الفاعل بالمضارع فساغ قبوله نون التوكيد ضرورة أيضا في نحو:
أقائلن أحضروا الشهودا
فـ: "أقائلن" فرع عن مضارعه: "يقول".
&&&&&
ومثله دخول نون الوقاية عليه في نحو:
وليس الموافيني ليرفد خائبا ******* فإن له أضعاف ما كان أملا
فرعا على دخولها على أصله المضارع.
انظر: "منحة الجليل"، (1/ 99).
&&&&&
ومنه البناء العارض الذي يطرأ على الفعل المضارع إذا اتصلت به إحدى نوني التوكيد أو نون النسوة، فيزداد شبهه بالتوكيد بالأمر ويزداد شبهه بالماضي باتصاله بنون النسوة، وكلاهما مبني، فيبنى في ذانك الموضعين فرعا عنهما.
انظر: "منحة الجليل"، (1/ 37).
&&&&&
ومنه الممنوع من الصرف، فإنه يمنع من الصرف لقوة شبهه بالفعل، ويصرف إذا أضيف أو دخلت عليه "أل" لقوة شبهه عندئذ بالاسم، والأصل في الاسم: الإعراب.
كقوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ)، فصرف لإضافته التي قوته في باب الاسمية.
&&&&&
ومنه: "ذو" الموصولة في نحو قول الشاعر:
فإما كرام موسرون لقيتهم ******* فحسبي من ذو عندهم ما كفانيا.
فقد أعربت في بعض الروايات جرا بالياء: "ذي" لشبهها بـ: "ذو" التي بمعنى صاحب وهي من الأسماء الخمسة المعربة.
&&&&&
ومنه: "كلا" و "كلتا" فلهما وجهان من الشبه:
شبه بالمفرد من جهة اللفظ في نحو قوله تعالى: (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا)، فيبنيان.
وشبه بالمثنى من جهة المعنى في نحو قولك: كلاهما مجد، و: رأيت كليهما، و: سلمت على كليهما،، فيعربان فرعا عن المثنى المعرب.
انظر: "منحة الجليل"، (1/ 51).
&&&&&
ومنه دخول نون الوقاية على "أفعل التفضيل" لمشابهتها فعل التعجب، كما في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (غير الدجال أخوفني عليكم).
انظر: "منحة الجليل"، (1/ 99).
&&&&&
ومنه حمل نصب جمع المؤنث السالم بالكسرة على جره بها، فرعا عن حمل نصب جمع المذكر السالم بالياء على جره بها، وجمع المذكر أصل بالنسبة لجمع المؤنث، فألحق الفرع بأصله.
انظر: "منحة الجليل"، (1/ 65).
وهذا باب لطيف يستحق التتبع والتدوين.
والله أعلى وأعلم.