ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 08:20 ص]ـ
ومنها أيضا:
قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "من خرج من الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية":
"من": أداة شرط تفيد العموم، وإن كانت مذكرة اللفظ فمعناها عام يشمل: الذكور والإناث.
"خرج": قد يقال فيها باستعارة الخروج من الحس إلى المعنى، فخروج الإنسان من المعنى المعقول كخروجه من المكان المحسوس.
فيقال بالاستعارة: تصريحيةً في الفعل "خرج" الذي استعير من الحس إلى المعنى، تبعيةً لأنها وقعت في الفعل المشتق: "خرج".
"الطاعة": "أل" عهدية تشير إلى طاعة بعينها هي طاعة الإمام، ولو جائرا، في غير معصية الله.
وفارق: فاعل لغير مفاعلة فهو الخارج لا الجماعة.
الجماعة: عهدية أخرى تشير إلى: جماعة المسلمين.
مات ميتة جاهلية: "ميتة": مصدر موطئ لما بعده، ففيه نوع تشويق بما يتضمنه من إجمال عقب بالبيان بوصف تلك الميتة بالجاهلية.
والنص: خبري المبنى إذ هو: مشروط علق على وقوع شرطه، طلبي المبنى، ففيه معنى النهي بذكر وعيد مفارقة الجماعة، فآل المعنى إلى: لا تخرجوا من الطاعة ولا تفارقوا الجماعة.
*****
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا السواد الأعظم).
وإن أمتي ستفترق:
توكيد بـ: "إن" واسمية الجملة، والفاعل المستتر في "ستفترق"، فالفاعل المعنوي مذكور تصريحا، وهو المبتدأ قبل دخول "إن": "أمتي"، والفاعل اللفظي مستتر في عامله "ستفترق"، فأكد الفاعل مرتين: مذكورا ومستترا.
والإضافة في "أمتي" تشير إلى أمة الإجابة التي استجابت لدعاية الإسلام. بخلاف الأمة في نحو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". فهي أمة الدعوة مؤمنها وكافرها.
والسين في "ستفترق": مشعرة بقرب حدوث ذلك، وهو ما وقع فعلا، إذ ظهر الاختلاف بمقتل عثمان، رضي الله عنه، وخروج الخوارج كأول فرقة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بنحو: 24 سنة فقط، وأعقب ذلك ظهور المقالات الإسلامية في فعل ورد فعل، فكل يحدث مقالة ليرد مقالة غيره، فيقع فيما وقع فيه من خروج عن الأمر الأول، والبدعة لا ترد ببدعة، والغلو لا يرد بالجفاء، وإنما النجاة في السنة والتوسط.
كلها في النار: وعيد خبري استفيد منه النهي الطلبي عن الفرقة فهي سبب ولوج النار، ولفظ "كل": نص في العموم، إلا ما استثني لاحقا، و "أل" في "النار" عهدية تشير إلى نار بعينها، هي نار غير نار الكفار الأبدية، إذ ليس المبتدع كالكافر، فالوعيد في حق الكافر متحقق لدلالة خبر الوحي على ذلك، من قبيل قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)، بخلاف الوعيد في حق المبتدع، فإنه يحتمل عدم النفاذ، لتأول أو عذر بجهل .......... إلخ من موانع نفاذ الوعيد، ولا يعني ذلك نفي الوعيد، بل هو ثابت جملة، ولكن آحاده في حق كل مبتدع هو المحتمل، إلا من كان كافرا في الباطن، فإنه ملحق بالكفار بداهة، وإنما الشأن في عموم أصحاب المقالات، فلم يقل أحد بأن مجرد دخول النار مئنة من الخلود فيها، فكل من دخلها فهو مخلد فيها، فهذا قول الخوارج، وإنما يدخلها من شاء الله، عز وجل، دخوله من عصاة الموحدين ومبتدعة المسلمين إن لم يكونوا كفارا في الباطن ثم يخرجون منها فلا يرجعون إليها، وقد يتخلف الوعيد في حقهم ابتداء، بشفاعة، أو برحمة الله عز وجل ..
¥