تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)، في قراءة من رفع: "يقولُ"، استحضارا للصورة المنقضية، فالحال هنا مقدرة لانصرام زمن الفعل كما أشار إلى ذلك ابن هشام، رحمه الله، في: "شرح قطر الندى"، ص82.

وقوله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

فالبيت قد رفعت قواعده، وانتهى الأمر، فيصح في غير القرآن أن يقال: وإذ رفع إبراهيم القواعد من البيت، ولكنه جاء بالمضارع: "يرفع" استحضارا للصورة.

وقوله تعالى: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ).

فدلالة: "إذ" الوضعية: للزمن الماضي، ومع ذلك استعملها في أمر لم يقع بعد، جزما بوقوعه، واستحضارا لصورته، فكأنه قد وقع وانتهى.

وكذا في: قوله تعالى: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ).

فالتبرؤ لم يقع بعد، ليؤتى بالماضي: "تبرأ"، و "إذ" الدالة على الزمن الماضي، ولكنه أمر محقق، فنزل منزلة الماضي الذي وقع وانتهى.

وقوله تعالى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ).

فالقياس: وإذ قلت للذي أنعم الله عليه، ولكنه أتى بالمضارع استحضارا للصورة، لأن في القصة من العبر والأحكام ما يستحق الاستحضار.

وقوله تعالى: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

فجاء بالمضارع في: "تَحُسُّونَهُمْ"، و: "تُصْعِدُونَ" استحضارا لصورة القتال.

وقوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ)، فالمعنى: إذ ألقوا أقلامهم، فأتى بالمضارع استحضارا للصورة.

وقولك: هجم الذئب وأنا أصك عينيه، فتقدير الكلام: فصككت عينيه، ولكنه عبر بالجملة الحالية التي تفيد وقوع الفعل في الزمن الحاضر، استحضارا للصورة، فهو مشهد يستحق التأمل، إن كان قد وقع فعلا!!!!.

وعكسه التعبير عن المستقبل بصيغة الماضي إمعانا في التوكيد على حصوله كما في:

كما في حديث بدء الوحي وفيه: "يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ"، فـ " إذ" ظرف لما مضى من الزمان، وإخراج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن قد وقع بعد ليستعمل ورقة، رضي الله عنه، الظرف الدال على انقضاء الفعل، ولكنه لما علم من سنن المرسلين عليهم الصلاة والسلام، أنهم يُخْرَجون من أرضهم، إذا أتوا الناس بما لا تهواه أنفسهم، نزل المستقبل منزلة الواقع الحاصل لا محالة، لأن السنة الكونية لا تتخلف إلا إن شاء الله، عز وجل، تخلفها، فقياس الكلام: استخدام الظرف الدال على ما يستقبل من الزمان، وهو: "إذا"، ولكنه عدل عنه إلى "إذ" للنكتة السابقة.

وإلى ذلك أشار ابن حجر، رحمه الله، بقوله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير