تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وسماع التهديد لأعدائه كما في قوله تعالى: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)

وسماع الإحاطه كما في قوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)، فذكر السمع في الآية: فعلا ماضيا: "سمع"، وفعلا مضارعا: "يسمع"، وصيغة مبالغة: "سميع".

وكذلك الشأن في "أل" في: "العليم"، فعلمه محيط بكل الكائنات، يعلم: الكليات والجزئيات، الظاهرات والمكنونات، الماضيات والمستقبلات، (لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ:

نداء لهم بوصف أهل الكتاب حثا لهم على استعمال علومهم التي احتوتها كتبهم في إظهار الحق لا تحريفه وكتمانه، ففيه نوع تلطف معهم، وليس خطاب الكتابي كخطاب الوثني، وفي حديث معاذ رضي الله عنه: (إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)، و "أل" في "الكتاب": عهدية تشير إلى التوراة والإنجيل دون سائر الكتب، و "غير الحق": وصف كاشف لا مفهوم له، إذ ليس من الغلو ما هو حق، فكل غلو مذموم، فهي على وزان قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، وليس من الإثم والبغي ما هو بحق، وليس من الشرك ما نزل الله، عز وجل، به حجة وسلطانا فكله باطل لا مستند له.

وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا: فضلالهم في نفسهم لازم دل عليه الفعل: "ضل" اللازم، ولغيرهم متعد دل عليه الفعل: "أضل" المتعدي بالهمزة تماما كما يدعو "بيندكت" اليوم إلى نشر كاثوليكيته في أرجاء الأرض أيا كان الثمن، وقد هاله تفوق تعداد المسلمين لأول مرة على تعداد الكاثوليك، والتوقعات تشير إلى تصدر الإسلام قائمة الملل بحلول منتصف هذا القرن إن شاء الله. و: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)

وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ: توكيد لما سبق من ضلالهم ففيه مزيد تحذير من مقالتهم الجائرة في حق الله عز وجل. وقد يقال بأن الضلال الأول: ضلالهم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقرينة: "من قبل"، وضلالهم الثاني: ضلالهم بعد مبعثه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيكون الكلام محمولا على التأسيس لا التوكيد، إذ أسست الجملة الثانية معنى لم تدل عليه الجملة الأولى، ويرجح هذا: القاعدة المطردة في: حمل الكلام على التأسيس إذا دار بين التوكيد والتأسيس لإثراء المعنى وإفادة المخاطب علما جديدا.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير