تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

"نحن معاشرَ الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة"

فالنصب على الاختصاص، فيؤول الكلام إلى: نحن أخص بالذكر: معاشرَ الأنبياء .....................

وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

"إنا آلَ محمد لا تحل لنا الصدقة"

فالنصب على الاختصاص، أيضا،، فيؤول الكلام إلى: نحن أخص بالذكر: آلَ محمد .....................

وقول الشاعر:

نحن بني ضبة أصحاب الجمل ******* ننعي ابن عفان بأطراف الأسل

فـ: "بني": منصوب على الاختصاص وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، فتقدير الكلام: نحن أخص بالذكر بني ضبة.

وقولهن:

نحن بناتِ طارق ******* نمشي على النمارق

فـ: "بناتِ": منصوب على الاختصاص وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم، فتقدير الكلام: نحن أخص بالذكر بناتِ طارق.

وقول الآخر:

لنا معشرَ الأنصار مجد مؤثل ******* بإرضائنا خير البرية أحمد

فـ: "معشرَ": منصوب على الاختصاص فتقدير الكلام: لنا أخص بالذكر معشرَ الأنصار ........................

والشواهد على ذلك كثيرة ويمكن الرجوع في ذلك إلى باب "الاختصاص" في كتب النحو سواء أكانت من كتب التراث أم من الكتب الحديثة.

ففي كل ما سبق بيان لجواز القطع في لغة العرب من جهة: الصناعة النحوية.

فيقال في الآية محل البحث:

وقع القطع في السياق مرتين: (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ)

فالسياق ابتداء جارٍ على الرفع: "الراسخون" و "المؤمنون"، ثم قطع إلى النصب على الاختصاص في: "والمقيمين"، ثم قطع إلى الرفع مرة أخرى ليرجع السياق إلى ما كان عليه، بتقدير مبتدأ محذوف لـ: "المؤتون"، فيكون تقدير الكلام: وأخص بالذكر المقيمين الصلاة، ثم يقطع إلى الرفع بتقدير: وهم المؤتون الزكاة.

وأما من جهة الصناعة البلاغية: فإن الكسر أو القطع في الإعراب، يلفت نظر السامع إلى معنى جديد في الكلام، فهو بمثابة جرس إنذار يسترعي انتباه القارئ لنكتة في هذا الموضع من السياق، إما أن تكون مدحا أو ذما أو تحذيرا أو ............... إلخ.

فمن أمثلة الذم:

قوله تعالى: (وامرأته حمالةَ الحطب): بنصب حمالةَ، فتقدير الكلام: وامرأته أعني حمالةَ الحطب، أو: وامرأته أذم حمالةَ الحطب، والله أعلم.

ومن أمثلة التحذير:

قوله تعالى: (فقال لهم رسول الله ناقةَ الله وسقياها)، بنصب "ناقةَ"، فسياق الكلام، للوهلة الأولى، يرجح رفع: "ناقة"، لأنها صدر جملة مقول القول، ولكنها نصبت هنا على التحذير، كما أشار إلى ذلك القرطبي، رحمه الله، فتقدير الكلام: احذروا ناقةَ الله، أو: احذروا أن تمسوا ناقةَ الله بسوء، والله أعلم.

ومن أمثلة المدح:

الآية التي بين أيدينا، فتقدير الكلام: لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وأخص بالذكر أو أمدح المقيمين الصلاة .......... ، والله أعلم.

وحديث كعب بن عجرة، رضي الله عنه، عند الطبراني، رحمه الله، في "المعجم الكبير"، وفيه: "نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَنْصَارِ آمَنَّا بِهِ، وَاتَّبَعْنَاهُ، وَقَاتَلْنَا مَعَهُ"، فالنصب على الاختصاص مدحا.

وكذلك قول الشاعر:

إنا بني نهشل لا ندعي لأب *******

فتقدير الكلام: إنا أخص بالذكر أو المدح: بني نهشل.

يقول أبو زكريا التبريزي رحمه الله:

"وانتصاب: (بني) على إضمار فعل، كأنه قال: أذكر بني نهشل، وهذا على الاختصاص أو المدح، وخبر إن: (لا ندعي)، ولو رفع فقال: إنا بنو نهشل، على أن يكون خبرا، و: (لا ندعي) في موضع الحال، والفرق بين أن يكون اختصاصا وبين أن يكون خبرا صراحا هو: أنه لو جعله خبرا لكان قصده إلى تعريف نفسه عند المخاطب، وكان لا يخلو فعله ذلك من خمول فيهم أو جهل من عند المخاطب بشأنهم، فإذا جعل اختصاصا فقد أمن الأمرين جميعا". اهـ

نقلا عن حاشية: "منتهى الأرب" على شرح: "شذور الذهب"، ص246.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير