تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أو: فأنتما، وإن لم تبوحا بالهوى دنفان وإني كذلك، ويبدو، للوهلة الأولى، أن هذا الوجه هو الأرجح هنا، لأن الخبر "دنفان" مثنى، فملائمته لـ: ضمير المخاطب المثنى: "أنتما" أكبر من ملائمته لياء المتكلم المفرد في: "فإني"، والله أعلم.

وقول الثالث:

وإلا فاعلموا أَنّا وأنتم ******* بُغاةٌ ما بقِينا في شقاق

أي: فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك.

أو: أنتم بغاة ونحن كذلك.

ومنه أيضا:

قوله تعالى: (إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)

في قراءة من رفع: "ملائكتُه"، فيكون تقدير الكلام:

إن الله يصلي على النبي وملائكته كذلك.

أو: ملائكة الله يصلون على النبي والله كذلك، وهذا الوجه، أيضا، يبدو، للوهلة الأولى، أرجح من الوجه الأول، خلاف الأصل، لأن الخبر: "يصلون" جاء على صيغة الجمع الملائمة لـ "ملائكته".

بتصرف من "منحة الجليل بنحقيق شرح ابن عقيل"، (1/ 304).

وإليه أشار ابن هشام، رحمه الله، في "مغني اللبيب"، (2/ 262) بقوله:

"فكيف تصنع بقوله تعالى: (إنّ اللهَ وملائكتهُ يُصلّون على النبي) في قراءة مَنْ رفع، وذلك محمول عند البصريين على الحذف من الأول لدلالة الثاني، أي إن الله يصلي وملائكتُه يصلون. وليس عطفاً على الموضع و "يصلون": خبراً عنهما، لئلا يتوارد عاملان على معمول واحد، والصلاة المذكورة بمعنى الاستغفار، والمحذوفة بمعنى الرحمة". اهـ

فصلاة الله عز وجل: رحمة، وصلاة الملائكة: استغفار.

وجعله الكسائي، رحمه الله، من باب العطف على المحل، فيكون: "الصابئون": معطوفا على محل "إن" واسمها، ومحلهما الرفع بالابتداء، وهذا العطف خلاف الأصل، لأن الأصل أن يعطف على اللفظ لا المحل.

ونظيره قولك: إنك وزيد ذاهبان، برفع "زيد" عطفا على محل "إن" واسمها: "إنك".

بتصرف من: "مغني اللبيب"، (2/ 135)، و: "مباحث في علوم القرآن" للشيخ مناع القطان، رحمه الله، ص185، مبحث: "العطف".

واعترض البعض على ذلك بأنه لا يجوز العطف على "إن" ومحلها قبل الفراغ من الخبر، فقوله تعالى: (إن الذين آمنوا)، لم يكتمل خبره بعد ليصح عطف "الصابئون" على محله الابتدائي، وإلى ذلك أشار الزمخشري، غفر الله له، بقوله:

"لا يصحّ ذلك قبل الفراغ من الخبر، لا تقول: إن زيداً وعمرو منطلقان. اهـ

برفع "عمرو" عطفا على محل "إن" واسمها: "إن زيدا"، لأن "إن" لم تستوف خبرها: "منطلقان" بعد ليصح العطف على محلها". اهـ

والمطرد في التنزيل: الحذف من الثاني لدلالة الأول عليه، فيسهل الحذف استنادا إلى المذكور، فيكتفى بالإشارة إليه دون تكرار، وفي التنزيل:

(أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)، أي: وأبصر بهم.

و: (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)، أي: ونساء كثيرا.

و: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، أي: ولا خلة فيه ولا شفاعة فيه، فلو ذكر الخبر بعد كل معطوف لصار الكلام معيبا بالتكرار لما أغنى المذكور، الخبر الأول: "فيه"، عن تكراره.

و: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ)، أي: والمحصنات من المؤمنات حل لكم.

وتتبع مسائل الحذف استنادا إلى ما تقدم ذكره صراحة، أو تصيد معناه من الكلام المتقدم في آي التنزيل أمر يستحق الإفراد بالبحث استقراء واستنتاجا.

وأشار ابن كثير، رحمه الله، إلى هذه المسألة إشارة سريعة فقال:

"لما طال الفصل حسن العطف بالرفع". اهـ

أي لما طال الفصل بين: "الذين آمنوا" و "وَالصَّابِئُونَ"، بـ: "الذين هادوا" حسن العطف بالرفع لا النصب، فيكون الرفع استئنافا لا نسقا.

وأشار الألوسي، رحمه الله، إلى وجه آخر بقوله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير