فإن العرب من ولد إسماعيل وغيره الذين كانوا جيران البيت العتيق الذي بناه إبراهيم وإسماعيل كانوا حنفاء على ملة إبراهيم إلى أن غير دينه بعض ولاة خزاعة وهو عمرو بن لحي وهو أول من غير دين إبراهيم بالشرك وتحريم ما لم يحرمه الله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه، أي أمعاءه، في النار وهو أول من بحر البحيرة وسيب السوائب وغير دين إبراهيم". اهـ
وصنف مشرك يعبد الكواكب: كما في:
قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
فإن لفظ "الصابئين" جاء منصوبا على القياس، لأن المقصود بهم هنا: عبدة الكواكب الصابئة، فلا ميزة لهم تستحق التنويه لأنهم مشركون.
وعن الآية الثانية يقول أبو السعود رحمه الله:
"وقوله تعالى: {إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} في حيِّز الرِّفعِ على أنَّه خبرٌ لإنَّ السَّابقةِ، وتصدير طرفَيْ الجملتين بحرفِ التَّحقيق لزيادة التَّقديرِ والتَّأكيدِ، أي يقضي بين المؤمنينَ وبين الفرقِ الخمسِ المتَّفقةِ على ملَّةِ الكُفرِ بإظهار المحقِّ من المبطل وتوفيةِ كلَ منهما حقَّهُ من الجزاء بإثابة الأوَّلِ وعقاب الثَّاني بحسب استحقاقِ أفراد كلَ منهما".
فجعل الصابئين داخلين في الأصناف الخمسة المقابلة لصنف المؤمنين، ولما كان المقام مقام مفاصلة، انضم الصابئون عبدة الكواكب إلى بقية طوائف الضلال المخالفة لطائفة المؤمنين، فلم يستحقوا التنويه بتغيير حركة إعراب أو سياق.
وهذه اللفتات مما يؤكد على بلاغة القرآن الكريم في الإشارة إلى معان كثيرة بإشارات موجزة، كحذف، أو تقديم وتأخير، أو تغيير حركة إعرابية ........... إلخ، فليست أخطاء نحوية كما يزعم بعض السذج من الأعاجم، وليت شعري، كيف خفيت هذه الأخطاء على أمثال الوليد بن المغيرة وأبي جهل وأمثالهم من فصحاء قريش، ليكتشفها أقوام لا يحسنون رفع الفاعل ونصب المفعول!!!!.
والله أعلى وأعلم.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[09 - 01 - 2009, 09:20 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي مهاجرا، ونشكرك على وقفاتك المتأنية والمفيدة في كتاب الله، وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك.
ولكن اعذرني على هذا التنبيه:
كثير الكلام يُنسي بعضه بعضا، لوتختصر قليلا، أو تجزّئ المشاركة.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[09 - 01 - 2009, 10:50 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله ..
اجتهاد طيب، وتخريج نحوي وبلاغي محكم للفظ قرآني ..
زادك الله من فضله أستاذ مهاجر، ونمني أنفسنا بالمزيد من هذا الفيض المبارك.