[بلاغة الاختلاف في الآيات المتشابهات]
ـ[سنهور]ــــــــ[20 - 12 - 2009, 01:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ)
الذى يقرأ القرآن الكريم يجد فيه أن بعض الآيات تتكرر أحيانا بنفس الشكل
وأحيانا أخرى يكون هناك اختلاف بسيط ومن المعلوم أن هذا الاختلاف يكون له مغزى لغويا وبلاغيا لايستطيع أى إنسان أن يعرفه إلا إذا تدبرالقرآن وفهم معانيه وأغراضه
وسنعرض لبعض من هذه الآيات التى وقع فيها تشابها ونرى وجه الاختلاف والسر من ورائه
يقول تعالى فى سورة البقرة
{يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} 49
ويقول فى سورة إبراهيم
{يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} 6
فى سورة البقرة قال يذبحون
وفى سورة إبراهيم قال ويذبحون فلماذا
لما ذكر التذبيح من غير واو لم يكن هذا التذبيح صنف من العذاب قائم بنفسه بل هو داخل فيما قبله وبيان له
ولما ذكره بالواو أفاد أنه نوع جديد من العذاب قائم بذاته منفصل عما قبله
فلما كانت الآيه الأولى من كلام الله لم يرد الله سبحانه أن يعدد عليهم المحن
ولما كانت الثانية من كلام سيدنا موسى، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، فعدد عليهم المحن، وكان مأمور بذلك فى أول السورة
فى قول الله له {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ}
ـ[سنهور]ــــــــ[20 - 12 - 2009, 02:11 ص]ـ
فى سور البقرة يقول تعالى (اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا)
وفى سورة الأعراف يقول تعالى (اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا)
نلاحظ أن الموقف واحد فالذى يضرب هو موسى
والذى يضرب لأجلهم هم بنى أسرائيل
فلما قال فى البقرة فانفجرت وقال فى الأعراف فانبجست
لاحظ السياق فى الآية الأولى تجد أن موسى عليه السلام هو الذى طلب السقيا من الله لقومه (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ)
ولمكانة موسى عند الله فهو كليمة كانت الاجابة من الله له بانفجار الماء بشكل غزير
أما فى سورة الأعراف فبنو اسرائيل هم الذين طلبوا السقيا من موسى (إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ)
وهم من هم بنو اسرائيل فكانت الاجابة بالانبجاس وهو خروج الماء بشكل بسيط
ولكن كيف نوفق بين الامرين وهو خروج الماء بشكل كبير فى الاية الأولى وخروجه بشكل بسيط فى الاية الثانية
نقول أن الذى حدث أن بنى اسرائيل طلبوا السقيا من موسى فطلب موسى من الله فامره الله بالضرب فخرج الماء أولا بشكل بسيط ثم أخذ يزداد حتى وصل إلى حد الانفجار
ثم عندما أراد الله أن يقص لنا هذا الحدث فعندما ذكر طلب السقيا من موسى أردفه بمايليق بمنزلته وهو تلبية الدعاء بأمر يليق به وهو الانفجار
وعندما ذكر الطلب من بنى اسرائيل أردفه بما يليق بهم وهو الانبجاس
ـ[سنهور]ــــــــ[20 - 12 - 2009, 02:23 ص]ـ
يقول تعالى فى سورة يوسف (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)
ويقول تعالى فى سورة القصص (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)
نلاحظ أن الآية الاولى فى حديثها عن سيدنا يوسف لم يذكر فيها (وَاسْتَوَى)
وأن الآية الثانية فى حديثها عن سيدنا موسى ذكر فيها (وَاسْتَوَى)
لان الإنسان لايستوى إلا بعد الأربعين من عمره
وسيدنا يوسف أوحى الله إليه وهو فى البئر فلم يناسب معه ذكر الاستواء
أما سيدنا موسى فأوحى الله إليه بعد الأربعين فناسب ذكر الإستواء معه
ـ[سنهور]ــــــــ[20 - 12 - 2009, 02:27 ص]ـ
هذا وسنكمل بمشيئة الله وحده ما بدأناه فى هذا الموضوع فى وقت قريب
نسأل الله وحده العلى القدير أن ينفعنى به وإياكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ـ[البلاغة الايجاز]ــــــــ[20 - 12 - 2009, 09:12 م]ـ
جزاك الله خيرا هذا من جواهر البلاغة وأرجو التثبت أكثر اجلالا للقرآن الكريم
ـ[أنوار]ــــــــ[21 - 12 - 2009, 12:25 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أستاذ سنهور ..
جهد مشكور .. جعله الله في موازين حسناتكم ..