[وقفات من كتاب التصوير البياني ..]
ـ[أنوار]ــــــــ[21 - 11 - 2009, 11:18 م]ـ
الحمد لله رب العالمين ..
وصلاة وسلاما على خير عباده الذين اصطفى ..
لا يستطيع قارئ بحال من الأحوال تجاوز تلك المقدمات الرائعة لكتب الشيخ أبو موسى .. والتي لا أبالغ إن قلت انطوت على بحر من العلم فريد ..
يقول في مقدمة الطبعة الخامسة لهذا الكتاب:
- " العلم لا ينمو في الكتب وإنما ينمو في الصدور .. والصدور التي تنمو من غير أن يسكنها العلم صدور فارغة لا تعمر ولا تحمي ولا تبني، ولهذا كانت عناية العلماء منصبة في أن تكتب السطور في الصدور .. وقلّ من علماء الصدر الأول من أسكن علمه في كتاب ..
كانوا موقنين أن استمرار قوة الأمة ويقظتها وتفوقها لا يكون إلا بمقدار حظ أبنائها من العلوم التي توحد كلمتهم وتربط على قلوبهم، ويشتد بها أزرهم .. كانت هموم الأمة لا تغيب لحظة عن عيونهم، فلم تكن حلقاتهم التي يتحلق فيها طلابهم حولهم إلا مصانع لأحرار الرجال وعقلائهم .. ولهذا كانوا يجدون في صدورهم ما يعينهم على لأواء الدرس والمراجعة .. لأن الغايات النبيلة تمد القلوب بالقوة والصبر ..
كان كل عالم كأنه هو راعي الأمة وحده والمسؤول عنها وحده .. وفرق بين من يعلم العلم فقط .. ومن يعلم معه العزّ والأنفة والطموح والمجد .. فرق بين من يخرج من لا هم له إلا البحث عن لقمة العيش .. وبين من يخرج من يرفض أن يعيش إلا حراً كريماً في وطنه ..
- " تعد المتون زادا لطلاب العلم وسبيلهم إلى فقه اللسان .. كانت خلاصة مركزة لكثير من الجهود .. وقد راجعتها ونفحتها أجيال من العلماء .. ولهذا تجد فيها كثيرا من السخاء الذي أودعته فيها هذه الأجيال ..
وكثرة المدارسة والمراجعة لها وإن كانت كالثوابت تنبت حولها أفكارا ولطائف ودقائق ..
وكلما كثرت قراءتنا في باب، وظننا أننا وصلنا إلى آخره وامتلكنا مادته فاجأنا الباب بفكر ينجلي وينبثق من ورائه، وكأن هذا الذي ظننا أننا نمتلكه كان غطاء لما وراءه وهو أجل وأشف وأخفى ..
والذي يفضي بنا إلى هذا ليس أن نقرأ الباب مرتين أو ثلاث وإنما نقرأه مرات لا نستطيع حصرها، ثم لا نقرأه قراءة من يحصل فحسب .. وإنما قراءة من يفكر ويحلل ويقف ويراجع ويردد عينه بين كلام العلماء وكلام الشعراء وأهل البيان، ويكون في نفسه هاجس البحث عن الخفي التائه، وموقنا بأن الفكرة الحية الصادرة عن عقول حية لها غور بعيد ..
ذكر المزني أنه قرأ رسالة الشافعي خمسمائة مرة وأنه فهم شيئاً في المرة الأخيرة لم يفهمه من القراءات السابقة " ..
- " هناك وراء كل مقروء من كلام العلماء أصل غير مقروء، ويسهل علينا أن نفهم المقروء .. ويصعب علينا ويدق أن نستخرج غير المقروء ..
يتبع بإذن الله ..
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[22 - 11 - 2009, 11:13 ص]ـ
بوركت جهودك أختي الكريمة أنوار
نحن في انتظار ما يتبع بإذن الله
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[22 - 11 - 2009, 12:17 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد:
جزاك الله خيرا ... وجعله الله في موزاين حسناتك .... اللهم آمين
ـ[أنوار]ــــــــ[22 - 11 - 2009, 08:57 م]ـ
بوركت جهودك أختي الكريمة أنوار
نحن في انتظار ما يتبع بإذن الله
جزيتم الخير وأشكر لكم مروركم الكريم ..
ـ[أنوار]ــــــــ[22 - 11 - 2009, 08:59 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد:
جزاك الله خيرا ... وجعله الله في موزاين حسناتك .... اللهم آمين
سلمتِ أخيتي زهرة ..
وأشكر لك هذا الثناء
ـ[أنوار]ــــــــ[22 - 11 - 2009, 09:02 م]ـ
يقول الجاحظ: " إن باب العلم لا يفتح إلا بعد إدمان قرعه " ..
لا شك أن مراد الجاحظ بالعلم هنا ليس ما في ظاهر النصوص مما نسميه " مراد المصنف " أو ما كان يلخصه لنا شيوخنا ويقولون " حاصل المسألة " ..
ولكن مثل هذا المدلول في النص لا يغيب عن أي قارئ له دربه في فهم كلام العلماء .. وإنه لمن الإهمال المزري ألا نقف عند مثل هذا ونسأل أنفسنا عن مراد الجاحظ .. ؟؟
لاشك أنه ذكر كلمة " القرع " لأنه أراد معنى بها ليس في الطَّرق مثلاً .. إذ هي أقرب إلى لفظة الباب .. لأن في القرع معنى من المفاعلة التي تكون بين العقل والفكر .. كقولنا قرع الحجة بالحجة .. وأراد المجاذبة للفكرة ومنابذتها وقدحها بقوى العقل وزلزلتها ..
ثم ذكر كلمة " الإدمان " وكان يمكن أن يقول " طول الطرق " أو " طول النظر" .. لأن في الإدمان معنى أراده وهو ميل النفس ومحبتها لهذه المجاذبة وهذه المنابذة .. وكأن المفكر يستمتع بهذه المقارعة وهذه المصاولة .. وهذا شأن أهل العلم فلهم في العلم لذة لا تعدلها لذة ..
وكأن إدمان القرع هو نداء واستجلاب واستنزال لهذه الأفكار التي وراء النص .. والتي كان يصفها علماؤنا بأوصاف تشير إلى أن العقول كانت تكابد في اقتناصها وتقييدها فقالوا:
أوابد الفكر ..
وصيد الخاطر ..
يتبع
¥