[المعنى البياني لحديث " ثلاث من كن فيه "]
ـ[العصيماء]ــــــــ[24 - 11 - 2009, 04:23 ص]ـ
http://file15.9q9q.net/img/85175988/bsm.gif (http://file15.9q9q.net/preview/85175988/bsm.gif.html)
قَالَ البُخَاريُّ رَحِمَهُ اللهُ:
حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قالَ: حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقفِيُّ، قال: حدثنا أيُّوبُ، عَنْ أبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أنَسٍ عَنِ النَّبي:= قالَ: " ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرَءَ لاَ يُحِبُّهُ إلاَّ لِلَّهِ، وَأنْ يَكَرَهُ أنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكَرَهَ أنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ" 0
متفق عليه
http://file15.9q9q.net/img/75726271/----.gif (http://file15.9q9q.net/preview/75726271/----.gif.html)
يبدأ الرسول:= بتقرير أن ثمَّة خصال إذا هي اجتمعت في مؤمن فقد وجد حلاوة السعادة الروحية التي ينشدها كل إنسان , وذاق حلاوة الإيمان التي لا تطيب الحياة إلاَّ بها.
وليس معنى قوله:= (ثلاث من كن فيه ......... ) الخ أنه قصر ذوق حلاوة الإيمان على هذه الثلاث , أو أنه سبحانه وتعالى لا يحب غيرهم فالله تعالى يحب نماذج كثيرة من الأطهار والأخيار كلهم يذوقون حلاوة الإيمان.
وهناك مجموعة من الأحاديث النبوية تبدأ بعبارة: (ثلاثة يحبهم الله ... )
وهناك أحاديث بدأت (أربع من كن فيه ... ) وبعضها بدأ بالعدد (سبعة ... )
http://file15.9q9q.net/img/75726271/----.gif (http://file15.9q9q.net/preview/75726271/----.gif.html)
ولكن تأمّل ما تفعله هذه الأعداد ثلاثة , أربع , سبعة .... إنها تدفع إلى التشويق والإثارة وانتباه السامع والقارئ , حتى يتفتح قلبه وعقله لما سيُلقى عليه0
فتقديم المسند إليه (ثلاث) في هذا الحديث يدفع إلى التشويق، واللذة، وترقب الفائدة، وامتلاك ناصية الفؤاد التي يدفع إليها إبهامه0
تأمل الإيجاز في (ثلاث) بحذف المضاف إليه وهو جزء من أسرار بلاغة الحديث الشريف،،،
وروعة التعبير وجمال التصوير بقوله:=: (وجد حلاوة الإيمان) ففي التعبير بحلاوة الإيمان روعة وسحر ,،،
وفيه إبراز للمعنويات في صورة المحسوسات بتشخيصها وتجسيمها ,،،
إذ جعل الإيمان وهو أمر معنوي لا تدركه الحواس في منزلة المحسوسات التي يمكن أن يتذوقها الإنسان بحواسه , مما يجعل النفوس تندفع وتقبل عليه في يسر وسهولة , وتشعر بلذته ولا تحب أن تفارقه , وأنه فطرة الله التي فطر الناس عليها.
فالإيمان شيء يمكن أن تصيبه وتدركه وتظفر به , بل يمكنك أن تتذوقه وتشعر بحلاوته ولذة طعمه.
فالمراد بقوله: (حلاوة الإيمان): الرغبة في الإيمان، وانشراح الصدر له، وسريانه في أعضائه بحيث يخالط لحمه ودمه؛ فيشعر بلذة نفسية , تدفعه إلى التلذذ بالطاعات، وتحمل المشاق في الدين، وإيثار الله والآخرة على متاع الدنيا وزخرفها 0
فحلاوة الإيمان: لذته، وانشراح الصدر له، وسرور النفس به، والأريحية التي يجدها المؤمن في قلبه من أثر الإيمان حتى ليتفانى في سبيله، ويضحي بكل شي من أجله 0
http://file15.9q9q.net/img/54693143/154.gif (http://file15.9q9q.net/preview/54693143/154.gif.html)
وحلاوة الإيمان استعارة بالكناية , حيث شبه الرسول:= الإيمان بشيء حلو لذيذ الطعم تشتهه النفوس وتتقبله الأذواق ويرتاح إليه الإنسان , ووجه الشبه: الشعور باللذة والمحبة، وميل القلب , ثم حذف المشبه به وأثبت له لازم ذلك وهو: الحلاوة بالمعنى السالف.
وحقا إن الإيمان بالله لتهش إليه النفوس والقلوب والأرواح وتقبله في يسر وتندفع إليه بالفطرة لأنه فطرة الله التي فطر الناس عليها0
http://file15.9q9q.net/img/75726271/----.gif (http://file15.9q9q.net/preview/75726271/----.gif.html)
ثم تأمل هذا الأسلوب التقريري الذي يحمل في ثناياه دعوة قوية إلى كل إنسان: أن يحرص على التحلي بهذه الصفات وأن يتمسك بها.
وإلاّ فأي أسلوب من أساليب الدعوة يعدل في قوته هذا الأسلوب الذي يقول في إجمال (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان)؟!
¥