[صور من الإيجاز في كتاب فيض القدير للمناوى]
ـ[سنهور]ــــــــ[13 - 12 - 2009, 09:25 م]ـ
[صور من الإيجاز في كتاب فيض القدير للمناوى]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
الإيجاز من أهم ما يميز البيان النبوي، ولم يضاهى أحد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا، ولذاسهل على العلماء حفظ حديثه حتى وجدنا عالما مثل السيوطى يحفظ مائتي ألف حديث، ولم يعرف
أن إنسانا على وجه الأرض حفظ الناس كلامه كله وتناقلوه ودونوه وقاموا بشرحه غيره صلى الله عليه وسلم، ولم يكن ليتم لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوتى جوامع الكلم وملك زمام اللغة
ومن أهم ما امتاز به كلامه صلى الله عليه وسلم أن كلامه يزيد معناه على لفظه فكلما أعدت النظر فيه وجدته يعطيك من المعاني الجديد ومن الفائدة الكثير
" والإيجاز كما هو معلوم ضربان: إيجاز قصر وهو ما ليس فيه حذف، ويزيد معناه على لفظه
وإيجاز حذف: ويكون بحذف جزء من جملة، أو جملة، أو أكثر من جملة "
ولو تتبعنا هذين النوعين من خلال صفحات الكتاب لوجدناهما قد ظهرا واضحين من خلال تلك الصفحات
فمن النوع الأول: قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيان قاعدة الحساب على الأعمال (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)
قال المناوى،" وهذا الحديث أصل في الإخلاص ومن جوامع الكلم التي لا يخرج عنها عمل أصلا،
ولهذا تواتر النقل عن الأعلام بعموم نفعه، وعظم موقعه "
حديث نبوي شريف بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم ميزان كل عمل في عبارة موجزة، ودون حذف، فلو نظرنا إلى الحديث لوجدناه أنه أدى معان كثير بعبارة وجيزة دون حذف لأي جزء منأجزاء الكلام وهذا ما يسمى بإيجاز القصر
ومن هذا النوع من الإيجاز قول النبي صلى الله عليه وسلم في التأكيد على أمانة الحديث
(إذ حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة) قال المناوى عقب شرح الحديث مبينا ما يحمله هذا اللفظ من المعاني " قالوا: وهذا من جوامع الكلم لما فى هذا الفظ الوجيز من الحمل على آداب حسن المعاشرة وحسن الصحبة وكتم السر وحفظ الود والتحذير من النميمة بين الإخوان المؤدية للشنآن ما لا يخفى "
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم يحث على السلوك القويم في الحياة والتخلق بمكارم الأخلاق
(أستقم، وليحسن خلقك للناس) قال المناوى " وهذا الحديث من جوامع الكلم وأصول الإسلام "
حديث جمع فيه النبي من مكارم الأخلاق مالا يستطيع عاد عدها، ولا كاتب جمعها، حديث عالج
أفات النفس مع النفس، وآفات النفس مع الناس في عبارة موجزة دون حذف
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحدا إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وابشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة)
قال المناوى " جمع هذا الحديث من جوامع الكلم "
وهذا الحديث لو دققنا النظر فيه لوجدناه فى عبارة قليلة أوضح كثير من طبائع هذا الدين الحنيف
وأوضح مدى يسره، ثم بين ما يقتضى على حملته أن يتخلقوا بخلقه الكريم، ثم أرشدهم وبين لهم
ما يجب أن يبتعدوا عنه من التشدد والتنفير وأعطاهم ما يعينهم على كل ذلك 0
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (البر حسن الخلق، والإثم ما حاك فى نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس)
قال المناوى ”وذا من جوامع الكلم، لأن البر كلمة جامعة لكل خير، والإثم كلمة جامعة لكل شر "
ففي هذا الحديث الكريم يبين لنا الرسول الكريم حقيقة البر والإثم فى السلوك والنفس الإنسانية بعبارة موجزة
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم (تنكح المرآة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)
قال المناوى "وعد جمع هذا الحديث من جوامع الكلم "
ففي هذا الحديث الموجز في اللفظ الكثير في المعنى جمع النبي صلى الله عليه وسلم سر العلاقة بين
الرجل والمرآة عبر التاريخ كله، والتي لا تعدو أن تتراوح بين المنفعة الدنيوية من مال وشرف
ومتعة، وبين المنفعة الدينية القائمة على التماسك بالعقيدة الخالدة، وبالنظر في الحديث نرى النبي
¥