[صور من الإطناب في كتاب فيض القدير للمناوى]
ـ[سنهور]ــــــــ[13 - 12 - 2009, 10:12 م]ـ
[صور من الإطناب في كتاب فيض القدير للمناوى]
ـــــــــــــــــــــــــ
الإطناب من مباحث البلاغة العربية، وهو زيادة اللفظ على المعنى لفائدة، فإذا لم تكن الزيادة لفائدة فهي تدعى تطويلا أو حشوا وهى معابة في البيان
وكما هو معروف أن البيان النبوي منزه عن التطويل والحشو، فلم يرد فيه إطناب إلا لفائدة ولذانجد أن النبي كان لا يستخدم الإطناب إلا حيث يقتضى المقام استخدامه، وكما أن للإيجاز مواضعه فللإطناب مواضعه أيضا، وهذا ما أشار إليه المناوى في مواضع عدة، ومن الصور التي ذكرها
1 ـ ذكر الخاص بعد العام: وذلك للتنبيه على فضل الخاص: وذلك كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم (ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو أمرآة ينكحها) قال المناوى مبينا سر عطف المرآة على الدنيا " ينكحها: أي يتزوجها، خصص بعدما عمم، تنبيها على زيادة التحذير من النساء
إيذانا بأنهن أعظم زينة الدنيا خطرا، وأشدها تبعة وضررا، ومن ثم جعلت في التنزيل عين الشهوات (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ) "
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم محذرا من الظلم والشح معا لما فيهما من الدمار للفرد والمجتمع
(اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، وحملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم) قال المناوى مبينا سبب عطف الشح على الظلم مع أن
الظلم يشتمل على الشح: " وعطف الشح الذي هو نوع من أنواع الظلم على الظلم إشعار بأن الشح
أعظم أنواعهن، لأنه من نتائج حب الدنيا ولذاتها (واستحلوا محارمهم) وهذا على سبيل الإستئناف، فإن استحلال المحارم جامع لجميع أنواع الظلم، وعطفه على سفك الدماء عطف عام على خاص عكس الأول "
ومنه أيضا: قول النبي صلى الله عليه وسلم يحث على تلاوة القرآن الكريم بشكل عاد ثم يخص بعض سوره بالذكر لما لها من منزلة عظيمة عند الله (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه،
اقرأوا والزهراوين: البقرة وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيابتان أو فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما، اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركه
حسرة، ولا تستطيعها السحرة) قال المناوى " والزهراوين: تثنية الزهراء تأنيث أزهر، وهو المضيء الشديد الضوء (البقرة وآل عمران) أوقعه بدلا منها مبالغة في الكشف والبيان
كما تقول: هل أدلك على الأكرم الأفضل؟ فلان، فإنه أبلغ من أدلك على زيد الأكرم الأفضل، لذكره أولا مجملا، ثم ثانيا مفصلا، وكما جعل علما في الكرم والفضل جعلا في الإنارة "
ويضيف المناوى " (اقرأوا سورة البقرة) قال الطيبى: تخصيص بعد تخصيص، عم أولا بقوله (اقرأوا القرآن) وعلق به الشفاعة، ثم خص الزهرواين وعلق يهما التخصيص من كرب يوم
القيامة والمحاجة، وأفرد ثالثا البقرة، وعلق بها المعاني الثلاثة الآتية تنبيها على أن لكل منها خاصية لا يعرفها إلا صاحب الشرع "
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم محذرا من الدنيا وفتنتها (الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وعالما ومتعلما) ففي هذا الحديث إطناب حيث ذكر العالم والمتعلم بعد ذكر
الله وما والاه، وهما داخلان في قوله (وما والاه)، ويبين المناوى هنا سبب ذلك ناقلا عن الطيبى " وكان حق الظاهر أن يكتفي بقوله (وما والاه) لا حتوائه على جميع الخيرات والفاضلات ومستحسنات الشرع، لكنه خصص بعد التعميم، دلالة على فضل العالم والمتعلم وتفخيما لشأنهما
صريحا، وإيذانا بأن جميع الناس سواهما همج، وتنبيها على أن المعنى بالعالم والمتعلم العلماء بالله الجامعون بين العلم والعمل، فيخرج الجهلاء، وعالم لم يعمل بعلمه، ومن يعمل عمل الفضول، وما لا يتعلق بالدين، وفيه أن ذكر الله أفضل الأعمال ورأس كل عبادة والحديث من كنوز الحكم وجوامع
الكلم، لدلالته بالمنطوق على جميع الخلال الحميدة، وبالمفهوم على رذائلها القبيحة "
¥