[بديل المجاز قبل المجاز]
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[29 - 01 - 2010, 11:23 ص]ـ
تطور المعاني وتاريخها مهم لمن أراد الفهم والفقه فيها، ولقد شغلني مصطلح المجاز الذي كان له أبعد الأثر في التاريخ الإسلامي علما وواقعا. وهنا أنقل من كتاب "مناهج اللغويين في تقرير العقيدة إلى نهاية القرن الرابع الهجري" للدكتور محمد الشيخ عليو محمد، ص 177 - 179 - ما يتصل بهذا الأمر.
قال ص177 - 178:
وأما من قبلهما –أي البلاغيين القائلين بالمجاز الذي بدأه الأخفش- فقد كانوا فريقين:
الأول:
لم يرد المجاز في ثنايا كلامهم، ولم يطبقوه على معنى من المعاني، بل ذكروا عند تفسيرهم للنصوص التي ادعى البلاغيون المجاز فيها فيما بعد أن ذلك على سبيل التوسعة والإيجاز والاختصار في كلام العرب، ومن هؤلاء سيبويه (ت: 180 هـ) والإمام الشافعي (ت: 204 هـ) ثم الفراء (ت:207 هـ).
الثاني:
استعملوا لفظ المجاز لكنهم لم يقصدوا به مقصد البلاغيين بل عنوا به ما يجوز في اللغة، أو ما يعبر به عن معنى الآية. وعلى ذلك جرى الكسائي (ت: 189 هـ)، وأبو عبيدة (ت: 210 هـ) في كتابه مجاز القرآن حيث يقول: مجاز الآية كذا، أي تفسيرها كذا.
وبالمعنى نفسه استعمله الإمام أحمد (ت: 241 هـ) فيما ورد في القرآن من قوله: " إنا " و"نحن" فقال: أما قوله: (إِنَّا مَعَكُمْ) [البقرة/14] فهذا مجاز في اللغة: يقول الرجل للرجل: إنا سنجري عليه رزقك، إنا سنفعل به كذا".
ثم ذكر عن سيبويه ص178 - 179 قائلا:
والذي يعنينا من ذلك أن سيبويه جرى على الطريقة الأولى في كتابه (الكتاب) فعقد بابا سماه: "هذا باب استعمال الفعل في اللفظ لا في المعنى لاتساعهم في الكلام والإيجاز والاختصار".
ثم أورد تحته أمثلة، فقال: ومما جاء على اتساع الكلام والاختصار قوله تعالى جده: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا) [يوسف/82] إنما يريد أهل القرية فاختصر وعمل الفعل في القرية كما كان عاملا في الأهل لو كان ها هنا. ومثله (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) [سبأ/33]، وإنما المعنى: بل مكركم في الليل والنهار ... إلى آخر ما أورده المؤلف نقلا عن سيبويه.
ثم همش المؤلف على الإمام الشافعي في الصفحة ذاتها قائلا:
قال في الرسالة ص (51 - 52): "فإنما خاطب الله بكتابه العرب على ما تعرف من معانيها، وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها، وأن فطرته أن يخاطب بالشيء منه عاما ظاهرا يراد به العام الظاهر، ويستغني بأول هذا منه عن آخره. وعاما ظاهرا يراد به العام ويدخله الخاص، وظاهرا يعرف في سياقه أنه يراد به غير ظاهره. فكل هذا موجود علمه في أول الكلام أو وسطه أو آخره".
ثم قال الدكتور بعد هذا الاقتباس عن الإمام الشافعي: ثم ضرب الأمثلة على ما ذكر، فقال وهو يضرب المثال للصنف الأخير: "باب الصنف الذي يبين سياقه معناه: قال الله تبارك وتعالى: "وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ ... " [الأعراف/163]، فابتدأ جل ثناؤه ذكر الأمر يمسألتهم عن القرية الحاضر البحر، فلما قال: "إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ"- دل على أنه إنما أراد أهل القرية؛ لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره، وإنما أراد بالعدوان أهل القرية التي بلاهم بما كانوا يفسقون".
ثم همش على الفراء ص177 - 178 قائلا:
قال في معانيه (1/ 315) عند قوله تعالى: (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [المائدة/66]): من قطر السماء ونبات الأرض من ثمارها وغيرها، وقد يقال: إن هذا على جهة التوسعة كما تقول: هو في خير من قرنه إلى قدمه".
ـ[ترانيم الحصاد]ــــــــ[29 - 01 - 2010, 06:02 م]ـ
.
.
قلم فذ من أستاذ قدير متابعة لقلمك ..