ومما تجدر الإشارة إليه أن الاسم المتقدم على الفعل في الأمثلة السابقة، لا نقطع فيه النصب بفعل محذوف يفسره ما بعده. إذ يجوز فيه الرفع على الابتداء، والجملة بعده في محل رفع خبر، إلا إذا توفرت فيه شروط معينة وجب فيه النصب.
فـ " محمدا " يجوز أن نعربه مفعول به لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور، والتقدير: أكرمت محمدا أكرمته، واكتب واجبك اكتبه، وفصلنا كل شيء فصلناه، وأرسى الجبال أرساها، وقدرنا القمر قدرناه، ونملأ ماء البحر نملؤه.
ويجوز أن نعربه مبتدأ، والجملة بعده في محل رفع خبر.
ــــــــــــــــــ
* قسم من أقسام المفعول به المحذوف عامله.
1 ـ 12 الإسراء. 2 ـ 32 النازعات.
3 ـ 39 يس.
أولا ـ المواضع التي يتعين فيها وجوب النصب للاسم المشغول عنه: ــ
يجب نصب الاسم المشغول عنه بفعل محذوف وجوبا يفسره الفعل المذكور إذا وقع بعد الأدوات التي تختص بالفعل. كأدوات الاستفهام ما عدا الهمزة، وأدوات الشرط، والتخصيص، والعرض.
مثال الاستفهام: هل الواجب عملته؟ وهل الخير فعلته؟
مثال الشرط: إن محمدا صادفته فسلم عليه.
وإن درسك أهملته عاقبتك.
والتحضيض نحو: هلاّ الحق قلته. هلاّ العمل أتقنته.
والعرض نحو: ألا صديقا تزره، ألا العاجز ساعدته.
ثانيا ـ المواضع التي يتعين فيها وجوب الرفع:
يجب رفع المشغول عنه إذا وقع مبتدأ، وذلك في ثلاثة مواضع:
1 ـ بعد إذا الفجائية. نحو: خرجت فإذا الشوارع تغمرها السيول.
الشوارع: مبتدأ، ولا يصح أن تكون مفعولا به لفعل محذوف، لأن إذا الفجائية لم يوليها العرب إلا مبتدأ أو خبر.
164 ـ نحو قوله تعالى: {فألقاها فإذا هي حية تسعى} 1.
وقوله تعالى: {فإذا لهم مكر في آياتنا} 2.
فـ " إذا " الفجائية لا يقع بعدها إلا الجملة الاسمية {3}.
فإن نصبنا بعدها الاسم بفعل محذوف امتنع ذلك، لأنها لا تختص بالدخول على الأفعال.
وعلى عكسها " إذا " التي للجزاء، فهي لا تختص إلا بالدخول على الأفعال، لأن
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 20 طه. 2 ـ البرهان في علوم القرآن ج4 ص194.
3 ـ انظر كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج1 ص 66.
الجزاء لا يكون إلا بالفعل {1}.
165 ـ نحو قوله تعالى: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} 2.
وقوله تعالى: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة} 3.
فإن جاء بعدها اسم رفعناه على تأويل فعل محذوف.
166 ـ نحو قوله تعالى: {وإذا الموءودة سئلت} 4.
وقوله تعالى: {وإذا الجنة أزلفت} 5. وقوله تعالى: {إذا الشمس كورت} 6.
والتقدير: فإذا سئلت الموءودة، وقس عليه.
2 ـ بعد واو الحال. نحو: وصلت والشمس مائلة للمغيب.
ونحو: صافحت محمدا وخالد يبتسم. وينام الناس والجندي تسهر عيناه.
3 ـ قبل ما له الصدارة كأدوات الاستفهام، أو الشرط، أو التحضيض، أو كم الخبرية، أو لام الابتداء، أو ما النافية، أو ما التعجبية، أو إن وأخواتها.
نحو: القلم هل أعدته لصاحبه، والكتاب هل قرأته.
ونحو: محمد إن يحضر فبلغه تحياتي، والدرس متى تحفظه تنجح.
ونحو: القصة هلاّ قرأتها، والمقالة هلاّ كتبتها.
ونحو: عليّ كم أحسنت إليه، وعبد الله كم جالسته.
ونحو: الكتاب لأنا اشتريته، والواجب لأنا حللته.
ونحو: الكذب ما قلته، والشر ما فعلته.
ونحو: الجو ما ألطفه، والسماء ما أجملها.
ونحو: يوسف إني أكرمه، وأخون لعلي أعرفه.
فلأسماء في الأمثلة السابقة، والواقعة قبل ما له الصدارة جاءت مبتدآت، والجمل بعدها في
محل رفع أخبار لها، ولا يصح نصب تلك الأسماء بأفعال محذوفة يدل عليها الأفعال المذكورة، لأن الأفعال الواقعة بعد الأدوات السابقة لا تعمل فيما قبل تلك الأدوات، وما لا يعمل لا يفسر عاملا.
ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[27 - 07 - 2006, 10:12 م]ـ
ثالثا ـ المواضع التي يتعين فيها ترجيح النصب:
يرجح نصب المشغول عنه في ثلاثة مواضع هي:
1 ـ أن يقع بعد الاسم المشغول عنه فعل طلبي: أمر، أو نهي، أو دعاء.
نحو: الدرس احفظه، والصديق أكرمه.
ونحو: الواجب لا تهمله، والكتاب لا تمزقه.
ونحو: عليا هداه الله، وأحمد سامحه الله، واللهم أمري يسره.
2 ـ أن يقع الاسم بعد: حتى، وبل، ولكن الابتدائيات.
نحو: صافحت الحاضرين حتى محمدا صافحته.
ونحو: ما عاقبت عليا ولكن يوسف عاقبته.
ونحو: ما شربت الشاي بل اللبن شربته.
3 ـ أن يقع بعد همزة الاستفهام. نحو: أ الكتاب قرأته، وأمحمدا كافأته.
167 ـ ومنه قوله تعالى: {أ هؤلاء من الله عليهم من بيننا} 1.
وقوله تعالى: {قالوا أ بشرا منا واحدا نتبعه} 2.
4 ـ أن يقع الاسم جوابا لمستفهم عنه منصوب. نحو: عليا استقبلته.
في جواب من سأل: من استقبلت؟
ونحو: التمر أكلته. في جواب: ماذا أكلت؟
5 ـ أن يعطف الاسم المشغول عنه على جملة فعليه عمل فعلها النصب فيما بعده. نحو: شاهدت محمدا وعليا صافحته، عاقبت المهمل والمجتهد كافأته.
¥