ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[27 - 07 - 2006, 10:13 م]ـ
168 ـ ومنه قوله تعالى: {ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك} 1.
فـ " رسلا " الثانية أجاز فيها النحاة النصب بفعل مضمر يفسره ما بعده.
وقوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم} 2.
وقوله تعالى: {يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما} 3.
فـ " الجان، والظالمين " كل منهما مفعول به منصوب بفعل محذوف يفسره ما بعده، لعطفه على ما عمل فيه الفعل " خلقنا " وهو كلمة " الإنسان "، والفعل " يدخل "، ومعموله اسم الموصول " من "، وتقدير الأفعال المحذوفة في الآيات الثلاث السابقة هي: وقصصنا رسلا، وخلقنا الجان، ويعذب الظالمين.
ومنه قول ضبع الفزاري:
أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا
والذئب أخشاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا
الشاهد قوله: والذئب أخشاه. فنصب الذئب باعتباره مفعول به لفعل محذوف يفسره الفعل أخشى، لأنه عطف على الجملة الفعلية في البيت الأول، والتي نصب فيها الفعل مفعولا به وهي: لا أحمل السلاح، ولا أملك رأس البعير.
والتقدير: وأخشى الذئب.
رابعا المواضع التي يتعين فيها ترجيح الرفع: ـ
يترجح رفع الاسم المشغول عنه في غير المواضع السابقة، أي إذا لم يكن ما يوجب نصبه، أو يرجحه، أو يوجب رفعه.
نحو: المجتهد كافأته، والمهمل عاقبته.
فقد رجح النحاة في الاسم الواقع قبل الفعل كما هو واضح في الأمثلة السابقة الرفع
ــــــــــــــــــــ
1 ـ 164 النساء. 2 ـ 31 الإنسان.
على الابتداء، والجملة بعده في محل رفع خبر.
وقد أجاز بعضهم نصبه على الاشتغال. فنقول: المجتهدَ كافأته. بنصب المجتهد، ومحمدا أكرمته.
169 ـ ومنه قوله تعالى: {ذلك نتلوه عليك من الآيات} 1.
فـ " ذلك " جاز فيها أن تكون في موضع على الابتداء، وهو الأرجح، والنصب على الاشتغال، وهو المرجوح.
ومنه قوله تعالى: {أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما} 2.
جاز في " أولئك " الرفع لأنها مبتدأ، وخبره الجملة الفعلية، وجاز فيه النصب بإضمار فعل يفسره ما بعده فيكون من باب الاشتغال. إير أن الوجه الأول أرجح.
وقد عللوا رجحان الوجه الأول بقولهم: أن من يقل: زيد ضربته. أفصح وأكثر شيوعا من قولهم: زيدا ضربته. بالنصب، ولن معمول ما بعد حرف الاستقبال مختلف في جواز تقديمه في نحو: سأضرب زيدا، وإذا كان كذلك فلا يجوز الاشتغال، فالأجود الحمل على ما لا خلاف فيه {3}.
ومنه قوله تعالى: {وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به} 4.
فـ " ذلكم " يجوز فيها الرفع على الابتداء، وخبره جملة وصاكم، أو مفعول به منصوب على الاشتغال. والوجه الأول أحسن لما بينا آنفا من ترجيح الرفع على النصب في مثل هذه المواضع، فتدبر، والله أعلم.
خامسا ـ جواز الرفع والنصب:
يجوز في الاسم المشغول عنه الرفع والنصب إذا عطفنا على الجملة ذات الوجهين
والمقصود بالجملة ذات الوجهين: أنها الجملة التي صدرها اسم وعجزها فعل،
فهي اسمية باعتبارها مبتدأ وخبر، وفعلية باعتبارها مختومة بفعل ومعموله {1}.
نحو: محمد مسافر وعليٌّ أو عليا أنزلته عندي.
ونحو: خالد أخفق وإبراهيمَ أو إبراهيمُ كافأته.
ومنه قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل} 2.
170 ـ وقوله تعالى: {والنجم والشجر يسجدان والسماء رفعها ووضع الميزان} 3.
فقد قرئ " القمر " بالرفع على الابتداء، وقرئ بالنصب على الاشتغال {4}.
وقال العكبري: إنه في رواية الرفع محمول على " آية "، أو على و الشمس {5}
أما " السماء " فقد قرأها الجمهور بالنصب على الاشتغال، وقرأ أبو السمال بالرفع مراعيا مشاكلة الجملة الابتدائية، أما الجمهور فقد راعوا مشاكلة الجملة التي تليه وهي " يسجدان " {6}.
ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[27 - 07 - 2006, 10:13 م]ـ
تنبيهات وفوائد:
1 ـ يجوز النصب على الاشتغال لاسم الموصول المشبه بالشرط الذي دخلت في خبره الفاء. 171 ـ نحو قوله تعالى: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما} 7.
وقوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم} 8
¥