نحو قوله تعالى: (الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها) 4.
الذين مبتدأ، وجملة التشبيه " كأن لم .. " في محل رفع خبر.
وأجاز العكبري أن تكون جملة التشبيه في محل نصب حال ن والخبر جملة
كذبوا، وإذا كان الأمر كذلك فأين صلة الموصول؟
وإن كانت جملة كذبوا هي صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ن فكيف تكون في نفس الوقت في محل رفع خبر؟
والذي أراه أن جملة التشبيه تأتي صلة في الوقت الذي لا يكون فيه اسم الموصول مبتدأ.
ــــــــــــــ
1 ـ 74 البقرة. 2 ـ 195 آل عمران.
3 ـ 60 الحج. 4 ـ 92 الأعراف.
كما في قول الشاعر:
ألا أيهذا المنزل الدارس الذي كأنك لم يعهد بك الحي عاهد
فجملة التشبيه " كان وما بعدها " جاءت صلة لاسم الموصول لا محل لها من الإعراب، واسم الموصول في محل رفع صفة لمنزل.
أما في الآية السابقة فلا يكون الذي إلا مبتدأ والجملة الفعلية بعدة صلة لا محل لها، وجملة التشبيه هي الخبر والله أعلم.
15 ـ ويصح وقوع الجملة الإنشائية خبرا للمبتدأ. نحو قوله تعالى:
(والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم، هل يجزون إلا ما كانوا يعملون) 1.
الذين: مبتدأ، وكذبوا صلته، وحبطت أعمالهم في محل رفع خبر.
ويجوز أن يكون الخبر هل يجزون، وحبط أعمالهم كما يذكر العكبري (2).
ومنه قوله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) 3.
الذين: مبتدأ وهو اسم موصول تضمن معنى الشرط لذلك دخلت الفاء على خبر: " فبشرهم ".
16 ـ عرفنا فيما سبق أنواع الرابط في الخبر الجملة، وأن هذا الرابط من شروطه أن يكون موجودا في الجملة. غير أنه قد يحذف في بعض الأحيان.
نحو قوله تعالى:
(أمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله) 4.
فقد أجاز أبو حيان والعكبري: أن يكون " المؤمنون " مبتدأ أول، كل مبتدأ ثان، وأمن بالله خبر
ـــــــــــــ
1 ـ 147 الأعراف.
2 ـ إعراب ما من به الرحمن ج1 ص 158.
3 ـ 34 التوبة. 4 ـ 285 البقرة.
المبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول، والرابط محذوف.
التقدير: كل منهم. كقولهم: السمن منوان بدرهم. (1)
ومنه قوله تعالى: (والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها) 2.
فالذين مبتدأ أول، وجزاء مبتدأ ثان، وبمثلها خبر المبتدأ الثاني، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الأول، والرابط محذوف تقديره: منهم. ومنه قوله تعالى:
(والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) 3.
الخبر: عن ربك لغفور رحيم، والرابط محذوف تقديره: لهم.
17 ـ يمكن الفصل بين المبتدأ والخبر.
كما في قوله تعالى: (وهم بالآخرة هم يوقنون) 4.
هم: مبتدأ، وخبره: يوقنون، وبالآخرة متعلق به، ولما فصل بين المبتدأ والخبر بمتعلق الخبر أعيد المبتدأ ثانيا ليتصل بخبره في الصورة.
ومنه قوله تعالى: (وهم في الآخرة هم الأخسرون) 5. ومنه قوله تعالى:
(والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم) 6.
الذين مبتدأ، وقيل خبره " ما لهم من الله من عاصم " وقد فصل بينهما بجملتين،
والصحيح جوازه، ومنعوا الاعتراض بثلاث جمل أو بأربع.
ــــــــــــــ
1 ـ البحر المحيط ج2 ص364، والعكبري ج1 ص68.
2 ـ 17 ـ الإسراء. 3 ـ 153 الأعراف.
4 ـ 4 ـ لقمان. 5 ـ 5 النمل.
6 ـ 27 ـ يونس.
18 ـ قد يجر المبتدأ بحر جر زائد " الباء ومن "، أو شبه الزائد " رب "، فيكون المبتدأ مجرورا لفظا مرفوعا محلا.
نحو: بحسبك لقمة تقيم أودك.
39 ـ ونحو قوله تعالى: (وهل من خالق غير الله) 1.
ومنه قول الشاعر:
بحسبك في القوم أن يعلموا بأنك فيهم غني مُضِر
وتزاد من مع المبتدأ بشرطين:
أ ـ أن يتقدمها نفي، أو استفهام بهل.
2 ـ أن يكون مدخولها نكرة.
20 ـ فمثال النفي قول النابغة الذبياني:
وقفت فيها أصيلا كي أسائلها عيّت جوابا وما بالربع من أحد
الشاهد قوله: من أحد. من حرف جر زائد، وأحد مبتدأ مؤخر مرفوع محلا مجرور لفظا.
ومنه قوله تعالى: (هل لنا من شفعاء) 2.
أما الكوفيون والأخفش فيقولون بزيادة " من " دون شروط.
وتدخل " ربَّ " على المبتدأ إذا كان نكرة موصوفة، وهذا الوصف قد يكون مفردا، وقد يكون جملة اسمية، أو فعلية، وقد يكون مذكورا، وقد يكون مقدرا معنويا.
مثال دخولها على المبتدأ الموصوف بمفرد قول امريء القيس:
ألا رب يوم صالح لك منهما ولا سيما يوم بدارة جلجل
ومثال دخولها على المبتدأ الموصوف بجملة فعليه قول سويد اليشكري:
رب من أنضجت غيظا قلبه قد تمني لي موتا لم يُطَع
ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[29 - 07 - 2006, 11:08 م]ـ
ومثال دخولها على المبتدأ الموصوف بجملة اسمية قول لبيد:
" يا رب هيجا هي خير من دمعة "
ومثال دخولها على المبتدأ النكرة التي حذفت صفتها قول هند بنت عتبة:
يا ربّ قائلة غدا يا لهف أم معاويهْ
يا ربّ باكية غدا في الباكيات وباكه
19 ـ إذا جاء الاسم المفضل الواقع بعد لا سيما مرفوعا فهو خبر لمبتدأ محذوف وجوبا تقديره: هو. نحو: أحب قراءة الكتب ولا سيما كتبُ الأدب.
والتقدير: ولا مثل التي هي كتب الأدب.
20 ـ بعض المبتدآت تتضمن معنى الشرط فيقترن خبرها بالفاء، وتعرف هذه الفاء بالفاء الفصيحة وهي زائدة، وذلك إذا كان المبتدأ نكرة عامة. (1)
نحو: كل خير يصيبنا فمن الله، وكل شر يصيبنا فمن أنفسنا.
وكذلك كان المبتدأ نكرة موصوفة، أو اسما موصولا صلته جملة فعلية، أو ظرف، أو اسما موصوفا بالاسم الموصول، أو بالجملة الفعلية، أو الظرف، أو الجار والمجرور فإنه يجوز زيادة الفاء في خبره.
فالموصول الذي صلة جملة فعليه نحو قوله تعالى:
(وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله) 2.
وقوله تعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) 3.
ومثال الموصوف بالجار والمجرور فقوله تعالى: (وما بكم من نعمة فمن الله) 4.
ومثال الموصوف بالاسم الموصول قوله تعالى:
(والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح) 5.
¥