2 ـ وإن تقدم هذه الأفعال اسم، وكانت مسندة إليه في المعنى.
نحو: الطالب عسى أن يتفوق، والمريض أوشك أن يشفى.
توجه الإعراب في هذه الأفعال وجهين مختلفين أحدهما حسن، والثاني أحسن.
أ ـ فالوجه الحسن غير أنه ضعيف وهو: أن تحوي هذه الأفعال ضميرا مستترا، أو ظاهرا يعود على الاسم قبلها فتكون بذلك ناقصة، والضمير اسمها والمصدر المؤول بالصريح في محل نصب خبرها، ويظهر الضمير في التثنية، والجمع، والتأنيث. 81 ـ نحو: الطالبان عسيا أن يتفوقا.
والمسافرون أوشكوا أن يعودوا، والممرضة اخلولقت أن تعتني بالمرضى.
والطبيبات أوشكن أن ينتهين من إجراء الجراحة للمريض.
ب ـ أما الوجه الثاني الأحسن، والأفصح، والأقوى هو: أن تخلو هذه الأفعال من الضمير
المستتر، أو الظاهر الذي يعود على الاسم قبلها، فتكون تامة، والمصدر
المؤول بالصريح بعدها في محل رفع فاعل، وبه نزل القرآن الكريم.
82 ـ نحو قوله تعالى: {لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن} 5.
ولو كانت " عسى " في الآية ناقصة لبرز فيها الضمير.
نحو: عسوا أن يكونوا، وعسين أن يكن.
3 ـ وإذا تأخر الاسم إلى ما بعد الفعل الواقع بعد عسى، وأختاها، وكان في موقع
الفاعل. 84 ـ نحو: عسى أن يغفر لي ربي، وأوشك أن يشفى المريض،
واخلولق أن يثمر العمل.
صح فيه ثلاثة أوجه كلها حسنة هي:
أ ـ أن يعرب الاسم فاعلا للفعل قبله، ويكون المصدر المؤول بالصريح من أن والفعل في محل رفع فاعل عسى، أو أختاها.
ب ـ أو يعرب الاسم اسما لعسى، ويكون المصدر في محل نصب خبر لها.
ج ـ ويصح أن يكون الاسم مبتدأ مؤخر، وجملة " عسى " ... إلخ في محل رفع خبر مقدم سواء أكانت " عسى "، أو أختاها ناقصتين، أم تامتين.
فوائد وتنبيهات:
1 ـ إذا اتصل بـ " عسى " ضمير نصب، نحو عساه يعود، وعسال تفوز.
بقيت على عملها في رفع الاسم ونصب الخبر، غير أن الأحسن أن تكون في هذا الموقع حرفا مشبها بالفعل تفيد الترجي كـ " لعل "، ويعرب الضمير اسما لها في محل نصب، والجملة بعده في محل رفع خبر، ومن قال بعملها على بابها جعل الضمير المتصل بها في محل نصب خبرها، والمصدر في محل رفع اسمها بعكس الإسناد. وجعل البعض أن الضمائر أسماؤها من باب إنابة ضمير النصب عن
ضمير الرفع، والمصدر خبرها، وأرى في هذا كثير تكلف.
2 ـ إذا اتصل بـ " عسى " ضمير رفع للمتكلم، أو المخاطب، أو الغائبات،
نحو: عسيتُ، وعسيتَ، وعسين، وعسيتم.
جاز في سينها الفتح والكسر، والفتح أشهر.
وقد قرئت الآيات التالية بالفتح والكسر.
قال تعالى: {قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا} 1.
وقوله تعالى: {هل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض} 1.
3 ـ يمتنع أن يعرب الاسم الظاهر في مثل قولنا 84 ـ: أوشك أن يتأخر محمد عن المدرسة، أو عسى أن يكافئ المعلم الفائز.
يمتنع أن يعرب مبتدأ مؤخرا، أو اسما لعسى، لئلا يفصل بين صلة " أن " وهما الفعل " يتأخر، ويكافئ " وبين معموليها وهما في الجملة الأولى الجار والمجرور
" عن المدرسة "، وفي الجملة الثانية المفعول به " الفائز "، بأجنبي وهو " محمد " في الجملة الأولى، و " المعلم " في الجملة الثانية.
4 ـ قال بعض النحاة بحرفية " عسى "، ذلك لجمودها، وعدم تصرفها من جهة، ولدلالتها من جهة أخرى. فأما من حيث الجمود، فلا يؤخذ منها إلا صيغة الماضي، وليس لها مضارع، أو أمر، أو اسم فاعل، وغيره من المشتقات، وأما الدلالة فقالوا: إنها بمعنى " لعل "، ودليلهم على ذلك اتصالها بضمائر النصب كما مثلنا سابقا، 49 ـ ومنه قول الشاعر:
فقلت عساها نار كأس وعلها تشكَّى فآتي نحوها فأزورها
غير أن القول بحرفيتها مردود لاتصالها بضمائر الرفع كما في الآيات السابقة، وهي تشبه في ذلك " ليس "، وإن كانت الأخيرة لا تتصل بضمائر النصب.
¥