ـ[عمرمبروك]ــــــــ[27 - 07 - 2006, 02:39 ص]ـ
معنى الإلغاء وصور التركيب معه
الأفعال التي تلغى هي نفسها الأفعال التي جاءت مستعملةً وأنبهك إلى أن معنى استعمالها إعمالها يعني أن تعملها في فاعلها وفي نصب مفعوليها كما قال سيبويه: أظن عمرو منطلقًا، أو أظن عمرو ذاهبًا، أعمل الفعل.
كيف يأتي الفعل عاملًا؟
الجواب هكذا: أظن زيدًا قائمًا، ماذا لو أن ألغينا الفعل -ألغيناه أي: لا نعمله-؟ إذن نحن نستعمل فعلًا في الأساليب العربية، ولكن لا أثر له من حيث العمل.
يقول: سيبويه -رحمة الله عليه- وكأنه يوجه الأنظار ويأخذ بالأيدي إلى الكتابة، ويرسم لنا طريق الصحة: يا أيها العربي المخاطب بهذا الكلام، يا من تريد أن تكون فصيحًا في التراكيب مؤلفًا بارعًا للأشعار والخطب وسائر فنون النثر، تعلم من سيبويه: فإن ألغيت قلت: عبد الله أظن ذاهب. هل هذا أسلوب عربي فصيح؟
الجواب: نعم. كيف ذلك ما عمل أظن؟ ألا تنصب أظن مفعولين؟! الجواب: بلى، لكن ذلك في الاستعمال، فإن ألغيت فلا نصب لها للمفعول ولا للمفعولين، فكأن وجودها كعدم وجودها، وكأنًّ صورتها ما هي إلا صورة لفظيةً تذكرنا بالأصل الأصيل، كما يذكرنا الطلل البالي بما كان عليه الربع من حياةٍ وربيع، قد يكون لها من معنى الاعتراض ما ينبه السامع إلى المبتدأ وانتظار خبره، دون أدنى حركةٍ منها, نحو: عملٍ وتأثيرٍ بحركة ألا ترى أن قول الإمام عليه -رحمة الله تعالى- عبد الله أظن ذاهب.
تعربه هكذا عبد: مبتدأ مرفوع علامة رفعه الضمة الظاهرة ولفظ الجلالة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة، وأظن مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة الظاهرة، وكل فعلٍ لا بد له من فاعلٍ، ففاعل ظن ضمير مستتر تقديره أنا، وذاهب خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، المبتدأ كلمة عبد الله هنا لا بد أن أقف معه.
ألم تقل منذ قليلٍ أن المبتدأ: هي كلمة عبد، وهي مرفوعة بالضمة، ولفظ الجلالة مضاف إليه مجرور بالكسرة فكيف قلت الآن عبد الله هو المبتدأ أقول لك هذا من ثمرة سيبويه لأن الإعراب الجزئي وهذه إضافة لا بد منها؛ لكي تتطلع على بعض الآثار، وبعض الجمال سيبويه عليه -رحمه الله- يقول: المضاف والمضاف إليه كالكلمة الواحدة، والنحاة من بعده على هذا، فأنت حين تقول المبتدأ عبد الله لا تعني أن المبتدأ مجموع عبد والله, وإنما تعني الكلمة الواحدة بجزأيها, دون أن تعني أن الجزأين معًا, هما المبتدأ، يعني أنت تقول في الإعراب عبد مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة, ولفظ الجلالة الله مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة الظاهرة.
فإن سألك إنسان وقال: لك أين المبتدأ, فقال: عبد الله فإن قال يا شيخ ألم تقل إن عبد هو المبتدأ المرفوع, والله لفظ الجلالة قلت: أنا أعبر من منطلق المعنى؛ لأن المضاف والمضاف إليه كالكلمة الواحدة، وعلى هذا هذا تعبير لا يناقض الإعراب الجزئي بحالٍ من الأحوال, يجب أن نفهم هذا جيدًا, لا تناقض بين المضاف وبين المضاف إليه من حيث التعبير، ومن حيث الإعراب الجزئي، ذلكم كان له سبب بين ابن هشام المصري وبين أبي حيان -عليه رحمة الله- الأندلسي حين جاء إلى مصر، وكان بين الرجلين كما يكون بين المتنافسين، والضرائر، فمر عليه وهو يعبر, نحو: قولك مضى الذي كنت أرجوه، فقال: الفاعل الذي كنت وقامت الدنيا، واتهم الرجل الرجل بأنه يعرب الاسم الموصول وصلته فاعلًا, الرجل لم يعرب إعرابًا جزئيًا، وإنما أراد أن يقول: الذي فاعل وهو مبني في محل رفع، والجملة بعده الجملة بعده صلة، والصلة من تمامه من حيث المعنى، وهي من الإعراب كما تعلمون من حيث الإعراب لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، هذا كلام جيد، وإعراب صحيح، فإذا جاء وقال الفاعل الذي كنت أرجوه لم يخطئ، لكن الذي يتلمس الخطأ له يقول: انظروا إلى هذا الرجل كيف يعرب الذي وما بعده فاعلًا، وأنتم تعلمون أن ما بعده صلته لا محل لها من الإعراب.
هذا كلام لا يعول عليه والذين يدرسون الكتاب، لا بد أن يكونوا على فطنة وهم يتعلمون ما أسلوب سيبويه كيف يسوق العبارة ما مراده حيث يقول عبد الله فاعل أو عبد الله مبني عليه, وأحيانًا يقول سيبويه: وعبد الله حرف, ويطلق على الكلمة برمتها حرفًا, يعني يسمي الاسم حرفًا، هل يخطئ سيبويه في التفريق بين الحرف وبين الاسم؟
¥