تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الجواب: لا.

ما إعراب هذه الجملة: أتظن أو أتقول عمرًا ذاهبًا؟

الهمزة للاستفهام حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وتقول مضارع مرفوع؛ لتجرده من الناصب والجازم، والفاعل مستتر تقديره أنت، وعمرًا مفعول به أولن وذاهبًا مفعول به ثانٍ

ما وجه نصب المفعولين الاثنين؟

الوجه أنَّ تقول بمعنى تظن وتظن ينصب مفعولين، وكذلك تقول يحمل القول على الظن فينصب أيضًا مفعولين، فكأنك قلت أتظن عمرًا ذاهبًا وكذلك قال: أكل يومٍ تقول عمرًا منطلقًا.

ثم جاء بالشاهد الذي دخلت فيه همزة الاستفهام على الاسم المعمول فيه النصب، فلم تغير شيئًا، فقال -والبيت من الوافر-:

أجهّالًا تقول بني لؤي لعمر أبيك أم متجاهلين

والأصل في الوافر -كما تعلمون-: مفاعلتن/ مفاعلتن/ مفاعلتن/ إلا أنه لم يأت إلا مقطوفًا أي أنك تقول: مفاعلتن/ مفاعلتن/ مفاعي/ أجههالن/ مفاعلْتن "معصوبة"/ تقول بني/ مفاعلتن/ لؤيين/ فعولن بعد التحويل "وإن شئت أبقيته"/ لعمر أبي - لعمر أبي/ مفاعلتن/ كأم متجا - كأم متجا/ مفاعلتن/ هلينا/ مفاعي.

البيت -كما تعلمون- من الوافر، من حيث العروض التركيب النحوي يعنينا الأصل فيه قبل النظم، تقول: بني لؤي جهالًا، ربما يبدو التعبير غريبًا لكنا إذا فهمنا أن كلمة "تقول" هنا بمعنى "تظن" استرحنا، وفهمنا أن قول الشاعر قبل النظم. تقول: بني لؤي جهالًا أم متجاهلين بمعنى تظن، فكأنك قلت: أتظن بني لؤي جهالًا أم متجاهلين، وأنتم تعلمون أن هناك فرقًا بين الجهل والتجاهل الجهل جهل، والتجاهل ادعاء الجهل، يعني ترى المتجاهل يدَّعي أنه جاهل مع أنه ليس بجاهل، ليس الغبي بسيدٍ في قومه، لكن سيد قومه المتغابي، يعني لا الذي يدعي الغباء، وإنما الذي يتجاوز عن كثير من تصرفاته وبني قومه؛ لأنه لو دقق وحقق فسوف يخسرهم جميعًا؛ ولذلك يغض الطرف عن بعض الأعمال والأفعال؛ استبقاءً للصحبة واستئناسًا للمودة.

الهمزة للاستفهام، وجهالًا مفعول به، لتقول وهو مفعول به ثان، وتقول مضارع مرفوع علامة رفعه الضمة الظاهرة أي: تقول أنت وتكون مفعولة على الظن، فهي تنصب مفعولين الأول بني لؤيٍ مضاف إليه مجرور وبني كما تعلمون ملحقة بجمع المذكر السالم فهي مفعول به منصوب لكن علامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة وجهالً مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة الظاهرة والأصل أتقول بني لؤيٍ جهالًا، فقدم المفعول الثاني ودخلت عليه همزة الاستفهام فلم تغير فيه شيئًا، وكأنها غير موجودةٍ كما ذكر سيبويه في المثال الذي هو ليس بشعرٍ، حين قال: أتقول عمرًا ذاهبًا، دخلت همزة الاستفهام على جملة تقول زيدًا ذاهبًا، أو تقول عمرًا ذاهبًا، فلم تؤثر شيئًا في الفعل، تقول وهو مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، وفاعله مستتر فيه تقديره أنت، وعمرًا مفعول به أول منصوب بالفتحة، وذاهب مفعول به ثان منصوب بالفتحة الظاهرة، والهمزة حرف استفهامٍ لا محل له من الإعراب، دخل على جملة فعليةٍ دخلت على القول الذي هو بمعنى الظن، فصار التركيب أتقول عمرًا ذاهبًا، هذا في النثر.

وفي الشعر ذكر من الوافر قول الشاعر:

أجهالًا تقول بني لؤي لعمر أبيك ..........

وهو اعتراض أم العاطفة متجاهلين، أم تقول متجاهلين.

هنا يذكر لنا سيبويه فكرة لطالما ذكرها في تضاعيف كتابه، وهي قوله: وإن شئت رفعت بما نصبت، فجعلته حكاية. ما أصل الحكاية؟

أصل الحكاية أن سيبويه ذكر لنا أن الفعل تقول بمعنى تظن، فهو على هذا إن جاء عاملًا يجئ ناصبًا لمفعولين والمفعولان منصوبان فالنصب حكم على المفعول به، كما أن الرفع محكوم به للمبتدأ بعد أن ذكر لنا النصب، للحمل على الظن قال: وإن شئت رفعت بما نصبت فجعلته حكاية يعني على الابتداء والخبر؛ لأنك إذا قلت قال بنو لؤيٍ جهال، فمعنى ذلك أن قال فعل ماض مبني على الفتح والفاعل مستتر يعود على ما ذكرت من الأسماء الصريحة، أو المؤولة بالصريحة من الابتداء، كما في مثال سيبويه الدائم عبد الله، نقول عبد الله يقول بنو لؤي جهال، أو عبد الله يقول النحو سهل. النحو مبتدأ مرفوع وسهل خبر المبتدأ المرفوع، والمبتدأ وخبره المرفوعان موضوعهما النصب، ولكنك ذكرت الحكاية يعني كأن الرجل قال بنو لؤي جهال فقلت: قال النحو سهل كما قلت أتقول النحو سهلًا، كما ذكر سيبويه أتقول عمرو ذاهبًا كذلك تستطيع أن تقول عمر ذاهب ما معنى هذا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير