تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعدم اقتران جواب الشرط مع الأدوات غير الجازمة، يكون لظهور الجزم في لفظ الفعل.

وعدم اقترانه مع الأدوات الجازمة، فلأن المحكوم لموضعه بالجزم هو " الفعل " لا الجملة بأسرها. (1)

ومما يقال في جملة جواب الشرط الجازم غير المقترن بالفاء، أو إذا الفجائية، يقال في جملة جواب الطلب، فهي في الحقيقة جواب شرط جازم، حذف مع فعله، لدلالة الكلام عليه.

كما في قول جميل:

وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به مع الناس قالت: ذاك منك بعيد

فقد جزم الفعل " أعش " على تقدير: إن ترديه أعش به، وجملته جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء، أو إذا، لذلك لا محل لها من الإعراب.

ومنه قول عنترة:

هلاّ سألت الخيل يا بنة مالك إن كنت جاهلة بما لا تعلم

يخبرك من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى وأعِفُّ عند المغنم

فالتقدير فيه: إن تسأليها يخبرك من شهد.

أنواع أدوات الشرط من حيث الزمن:

يتفق النحاة على أن أدوات الشرط تنقسم إلى نوعين:

1 ـ أدوات شرط ظرفية:

وهي: إذا، ولمّا، ومتى، وأيّان، وأنّى، وحيثما،

وأينما، وتعرب الأداة في محل نصب على الظرفية، والعامل فيها جوابها، وتكون

ــــــــــــــ

1 ـ الأشباه والنظائر للسيوطي ج2 ص 23.

جملة فعل الشرط في محل جر بالإضافة،

2 ـ أدوات شرط غير ظرفية:

وهي بقية أدوات الرط الجازمة وغير الجازمة مثل: إن، وإذما، ومن، وما، ومهما، وكيفما، ولو، ولولا، ولوما.

فالجمل الشرطية المصدرة بأداة مما سبق يكون موقعها الإعرابي مع الأداة حسب موقعها من الكلام، وموقع جملة فعل الشرط لا محل له من الإعراب كما سنرى من خلال الشواهد التالية:

قال كثير:

كأني أنادي صخرة حين أعرضتْ من الصم لو تمشي بها العصم زلَّتِ

فقوله: لو تمشي بها العصم في محل نصب صفة لـ " صخرة "، أما جملة الشرط فقط وهي: تمشي بها العصم لا محل لها من الإعراب.

وقال قيس بن الخطيم:

طعنتُ ابن عبد القيس طعنة ثائر لها نفذ لولا الشعاع أضاءها

فجملة لولا الشاع في محل رفع صفة لـ " نفذ "، وجملة الشعاع كائن لا محل لها من الإعراب.

ومثله قول الشاعر:

وإنك إذ ما تأتِ ما أنت آمر به تُلْفِ من إيّاه تأمرُ آتيا

فجملة ما تأت في محل رفع خبر إنّ، وجملة تأت لا محل لها من الإعراب.

ومنه قول أبي زبيد:

فالدار إن تنئهم عني فإنّ لهم ودّي ونصري إذا أعداؤهم نصعوا

فجملة: إن تنئهم عني في محل رفع خبر المبتدأ " الدار "، وجملة تنئهم عني لا محل لها من الإعراب.

ومنه قول امريء القيس:

أغرّك مني أن حُبّكِ قاتلي وأنّك مهما تأمري القلب يفعلِ؟

فجملة مهما تأمر القلب في محل رفع خبر " أنّ "، وجملة تأمري القلب لا محل لها من الإعراب.

ولا يصح أن نعرب الجمل السابقة بأنها جمل ابتدائية، لأنه لم يبتدأ بها الكلام لا لفظا ولا نية.

وإذا اعتبرنا الجملة التي نتحدث عنها جزءا من التركيب الشرطي، والإعراب إنما يقدر للتركيب

كله، أما الجزء المتمم وهو جواب الشرط فلا محل له من الإعراب لأن الشرط نزَّل جملتيه منزلة الجملة الواحدة، فالمحل الإعرابي لذلك المجموع، وكل منهما جزء لا محل له كما يذكر صاحب المغني (1).

فالجواب على ذلك أن هذا يقتضي منك أن تجعل جواب الشرط الجازم لا محل له من الإعراب دائما، وإن كان مقترنا بالفاء، وذلك مخالف للقاعدة التي تقول تكون جملة جواب الشرط لا محل لها من الإعراب إذا لم تقترن بالفاء، أو إذا الفجائية، فإذا اقترنت بهما كان لها محل إعرابي.

وإذا قلنا أنها جملة ابتداء الشرط، والجملة الابتدائية لا محل لها من الإعراب، لزمن أن نجعل جملة جواب الشرط الظرفي كذلك، لأنه في الابتداء حكما، وإن تأخر في اللفظ كما في قول طرفة بن العبد:

متى تأتني أصبحك كأسا روية وإن كنت عنها ذا غنى فاغن وازدد

فالتقدير: أصبحك كاسا روية حين تأتيني، لأنك ستعلق متى بالجواب، وهذا اللزوم منقوض بالجواب المقترن بالفاء نحو قولنا: متى يسافر محمد فكن في وداعه.

وإذا اعبرنا الجملة المعنية بالحديث استئنافية، كان الاعتراض لمخالفتها لشرطي الجملة المستأنفة، الأول: لأنه لم يستأنف بها كلام جديد. والثاني: أن الكلام الذي لفظ به قبلها لمّا يتم، حتى يجوز الاستئناف بعده.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير