تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بدلٌ أو نوع من البدل.

ـ[عمرمبروك]ــــــــ[29 - 08 - 2006, 07:22 ص]ـ

تتمه

يقول سيبويه: ثم استدرك كلامه بعد، وإما أن يكون أضرب عن ذلك، فنحاه وجعل عمرًًا مكانه، الله في هذه العبارة؛ إذن عندنا نوع من البدل يسمى بدل الإضراب، وبدل الإضراب قد يتضح في أمثلة معاصرة حديثة حين تقول: يا خالد محمد يقوم لك خالد ثم يأتي محمد، أنت ذكرت الاسمين معًًا فبعد أن قلت: يا خالد وهب خالد أضربت عنه، وقلت: محمد فقام محمد، أضربت يعني أهملت، يعني نحيت خالدًا وناديت محمدًا، فكأنك تقصد بالفعل محمدًا ولكن بعد إضرابك عن خالد، أنت نحيت خالدًا بعيدًا، وكذلك في أمثلة كثيرة: أرسلوا أسامة محمدًا إلى القوم يصلح بينهم، فبعد أن قلت أرسلوا فلانًا أضربت عنه.

قال العلماء: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (الصافات: 147) إن أو للإضراب، إذن {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} يعني: أرسلنا يونس إلى مائة ألفٍ، ثم أُضرب عن ذلك وجاء التعبير بأو التي هي للإضراب بمعنى أنه أُرسل إلى أكثر من مائة ألف قال العلماء: {أَوْ يَزِيدُونَ} معناه: بل يزيدون، وهكذا نقول في نحو قولك: رأيتُ زيدًًا عمرًًا إما أنك غلط، وإما أنك أضربت، ما معنى الإضراب؟ الانصراف قال: التنحية كما قال سيبويه، نحيت زيدًا ووضعت عمرًًا مكانه، وهذا كثيرٌ في الكلام بلا شكٍ ولا جدال.

قال سيبويه: فأما الأول فجيدٌ عربيٌّ ومثاله قوله -عز وجل-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} ثم قال: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} هذا ليس من قبيل الغلط، وإنما كما قال: فأما الأول فقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (آل عمران: من الآية: 97) لأن هم من الناس، يعني من استطاع إلى الحج سبيلًا من الناس؛ إذن ذُكِرَ الكل، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} ثم قال: {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} على سبيل البدل، فكأن الناس الذين كُتِبَ عليهم الحج هم الذين استطاعوا إلى ذلك سبيلًا؛ لأنهم من الناس.

ثم ذكر شيئًًا جميلًا -عليه رحمة الله- وهو ذكر الحرف، ومعنى ذكر الحرف أن هناك حرف عمل في المبدل منه يستحب أن يتكرر هذا الحرف مع البدل لا بأس، ومثال ذلك لم يأت به مثالًا سيبويه، وإنما جاء به آية يثبت بها الحكم، ويجمل بها التعليق، فقال: ومثله إلا أنهم أعادوا حرف الجر والذي لا يحفظ القرآن يظن أن هذا من كلام العرب، لكنه وضعه بين قوسين، يعني وضع المحققون الآية بين قوسين؛ لأنه لم يقل قبلها كما في قوله تعالى، أو كما قال الله تعالى، وإنما قال: إلا أنهم أعادوا حرف الجر أي: أن العرب أعادت حرف الجر مع البدل.

وكان يحسن هنا أن يقول: كما في قوله تعالى: {قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ} (الأعراف: من الآية: 75) يعني لمن آمن منهم، فقال تعالى: {قَالَ الْمَلأ} قال فعل ماض، والملأ فاعل، {الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} والذين استكبروا من قومه قالوا لمن؟ قالوا للذين استضعفوا، الذين استضعفوا هم المؤمنون؛ إذن كان التعبير في غير القرآن الكريم يستقيم إذا قلنا: قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا من آمن منهم، لكن تكرر الحرف: {قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ} المبدل منه الذين، وقد دخلت عليه اللام الجارة، والبدل مَنْ، وهو اسمٌ موصولٍ كذلك مشترك كما تعلمون، وتكرر الحرف وهو اللام فكما دخل على المبدل منه دخل على البدل كذلك، {قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير