تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كأنَّا نقول: هل كان المبرد يترقب الإضافة بين عشرين ودراهم؟ قلنا: نعم، لماذا؟ لأن المبرد يعلم أن العدد -وقد سبق بيانه- من الثلاثة إلى العشرة المفردة يكون تمييزه جمعًا مجرورًا؛ لأنه من تمامه، وتمييز الشيء بعضه، أنتَ تميز ما عندك فكأنك تذكر بعضَ ما عندك، والملازمة تقتضي الإضافة، لكنه يقف أمام تعبير وارد، ويحلل هذا التعبير الوارد ويطوف حوله، ويقول: اعلموا أن الاتفاق أن النون إذا ثبتت فلا إضافة -أي: فلا جر- إذن: ماذا بقي لنا؟ وماذا بقي أمامنا؟ إنما هو النصب على هذا الوجه التشبيهي الجميل الذي ذكره محمد بن يزيد -عليه رحمة الله.

يقول المبرد: فإن قلت: هل يجوز عندي عشرو ... رجل؟ عاد إلى السؤال من جديد، وكأنه يريد أن يقول لنا: الفصيحُ المستعملُ الصوابُ الذي لا يصح غيره أن تقولَ: عندي عشرون رجلًا، أو عندي عشرون درهمًا بالنصب، فماذا لو أنك قلتَ: عندي عشرو ... رجل؟ أو عندي عشرو ... درهم بالجر؟ قال: فإن ذلك غير جائز.

أصدر المبرد الحكمَ وأراح البلادَ والعبادَ، وقال:

إنْ قلتَ لي: هل يجوز عندي عشرو ... رجل؟ يعني: بحذف النون مع الإضافة وجر رجل على أنه مضاف إليه ذلك غير جائز، يعني: لا تفكر في جواز ذلك، ثم يبين لنا السبب فيقول: لأن الإضافة تكون على جهة الملك، يعني: كما تعلمون في باب الإضافة: أن الإضافة -على رأي العلماء- إما أن تكون على معنى "اللام" واللام هي الملك، وأكثر الإضافة على معنى اللام، ثم يليها الإضافة على معنى "مِن" ثم يليها الإضافة على معنى "في" بل مكر الليل والنهار أي: مكرٌ في الليل والنهار، وهذا خاتم ذهب أي: من ذهب، وتقول: درهم زيد، وكتاب زيد، أي: كتاب لزيد، أكثر الإضافات على معنى "اللام".

وهو يريد أن يقول لنا: إن كلمة عشرين هنا لا يمكن أن تكون العَلاقة بينها وبين درهم أو رجل علاقة "من" يعني: عشرون من رجل قد يستقيم هذا التعبير على التبيين والتوضيح، لكن العشرين من رجل لا يمكن أن يكون مثل خاتم من حديد؛ لأن المضاف إليه جنس للمضاف، وليس قولنا: عشرو ... رجل بأن الرجل جنس للعشرين -كما تعلمون- حتى إن المبرد في أول الأمر قال: إن الداعي إلى التمييز أن هناك ما لا يُحصى من المعدودات، يعني: عشرون رجلًا، وعشرون امرأةً، وعشرون ... كذا، فكلمة عشرو ... رجل لا يمكن أن تكون كلمة رجل هي الأصل أو الجنس لكلمة عشرين أو كلمة عشرون على وجه رفعها عندما نذكرها هكذا كما ذكرها المبرد.

وإنما نقول: جرِّب أيضًا كذلك في لا تقول: عندي عشرو ... في رجل، جرب كذلك اللام لا تقول: عندي عشرو ... لرجل، يعني: ليست العشرون ملكًا للرجل، كما أنك تقول: ثوب زيد بمعنى: ثوب لزيد، إذن معنى ثوب لزيد: أن زيدًا يملك الثوب، هكذا؛ لكن: عندي عشرو ... زيد، هل معنى ذلك أن العشرين أو العشرون على وجه رفعها ملكٌ لرجل؟ أم أنَّ ملكية أنا ثابتة بهذا التعبير حين قلت: عندي أي: لي عشرون رجلًا؛ لهذا لا يستقيم التركيب هكذا: عندي عشرو ... رجل؛ لأنَّا لو قلنا: عندي عشرو ... رجل لقلناه على الإضافة، والإضافة غير ممكنة؛ لأنها على معنى اللام التي للملك، والملكية هنا لا تتحقق.

إذن: وجب أن يعود التركيب سائغًا فراتًا عذب شرابه، فنقول: عندي عشرون درهمًا، وعندي عشرون رجلًا، بإثبات النون ونصب ما بعد العدد على أنه تمييز، وهو -كما قال المبرد-: مفرد منصوب، ليس في حاجة إلى جمع؛ لأن قبله جمعًا، وليس في حاجة إلى التعريف؛ لأنه يدل على الشيوع وهو منصوب تشبيهًا بالعمل -عمل اسم الفاعل- والأسماء التي ثبتت فيها النون، فدل ذلك على إعمالها لا على إضافتها.

ـ[عمرمبروك]ــــــــ[03 - 09 - 2006, 02:22 م]ـ

بين الإفراد والجمع في التمييز

وأخيرًا ذكر هذا السؤال، فقال: هل يجوز أن تقولَ: عندي عشرو ... رجل؟ وبين أن ذلك لا يجوز:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير