في البداية أشكر الأخوين (قبة الديباج وأبو تمام) على هذه المشاركة , وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما تعلمنا , وأن يجعل هذا العلم طريقاً لفهم كتابه وسنة رسوله.
****
التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية لمحمد محيي عبد الحميد
«بَابُ التَّمْيِيزِ»
قَالَ: التَّمْيِيزُ هُوَ: الِاسْمُ الْمَنْصُوبُ، الْمُفَسِّرُ لِمَا انْبَهَمَ مِنَ الذَّوَاتِ، نَحْوَ قَوْلِكَ: «تَصَبَّبَ زَيْدٌ عَرَقًا» وَ «تَفَقَّأَ بَكْرٌ شَحْمًا» و َ «طَابَ مُحَمَّدٌ نَفْسًا» وَ «اشْتَرَيْتُ عِشْرِينَ كِتَابًا» وَ «مَلَكْتُ تِسْعِينَ نَعْجَةً» وَ «زَيْدٌ أَكْرَمُ مِنْكَ أَبًا» وَ «أَجْمَلُ مِنْكَ وَجْهًا».
وأَقُولُ: للتمييز في اللغة معنيان؛ الأول: التفسير مطلقًا، تقول: ميّزتُ كذا .. تريد أنك فسَّرتَهُ.
والثاني: فصلُ بعضِ الأمور عن بعض تقول: ميَّزتُ القوم، تريد أنك فصلتَ بعضَهم عن بعض.
والتمييز في اصطلاح النحاة عبارة عن «الاسم، الصريح، المنصوب، المُفَسِر لما انبهم من الذوات أو النَّسب».
فقولنا: «الاسم» معناه أن التمييز لا يكون فعلًا ولا حرفًا.
وقولنا: «الصريح» لإخراج الاسم المؤول، فإن التمييز لا يكون جملة ولا ظرفًا، بخلاف الحال كما سبق في بابه.
وقولنا: «المفسر لما انبهم من الذوات أو النسب» يشير إلى أن التمييز على نوعين، الأول: تمييز الذات، والثاني: تمييز النسبة.
أما تمييز الذات ـ ويسمى أيضًا تمييز المفرد ـ فهو «ما رفع ابهام اسم مذكور قَبلَهُ مُجملِ الحقيقة» ويكون بعد العدد، نحو قوله تعالى: ? إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا ?، ? إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ ? أو بعد المقادير، من الموزونات، نحو «اشتريتُ رطلا زيتًا» أو المَكيلاتِ، نحو «اشتريتُ إردَبًَّا قمحًا» أو المساحات، نحو «اشتريتُ فدانًا أرضًا».
وأما تمييز النسبة ـ ويسمى أيضًا تمييز الجملة ـ فهو: «ما رفع إبهام نسبة في جملة سابقة عليه» وهو ضربان؛ الأول: مُحوَّل، والثاني: غير محول.
فأما المحول فهو على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: المحول عن الفاعل، وذلك نحو «تَفَقَّأ زيدٌٌ شحمًا» الأصل فيه «تفقأ شحمُ زيد» فحذف المضاف ـ وهو شحم ـ وأقيم المضاف إليه ـ وهو زيدٌ ـ مُقامَهُ، فارتفع ارتفاعه، ثم أتى بالمضاف المحذوف فانتصب على التمييز.
النوع الثاني: المحول عن المفعول وذلك نحو قوله تعالى: ? وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا ? أصله «وفجرنا عيون الأرض» ففُعل فيه مثلُ ما سبق.
النوع الثالث: المحوَّلُ عن المبتدأ، وذلك نحو قوله تعالى: ? أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا ? وأصله «مالي أكثرَ من مالِكَ» فحذف المضاف، وهو «مال» وأُقيمَ المضاف إليه ـ وهو الضمير الذي هو ياء المتكلم ـ مقامه فارتفع ارتفاعًا وانفصل؛ لأن ياء المتكلم ضميرٌ متصل كما عرفت، وهو لا يبتدأ به، ثم جيء بالمضاف المحذوف فَجُعلَ تمييزًا، فصار كما ترى.
وأما غير المحول فنحو «امتلأ الإناءُ ماءً»
«شُرُوطُ التَّمْيِيزِ»
قَالَ: وَلَا يَكُونُ إِلَّا نَكِرَةً، وَلَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْكَلَامِ.
وَأَقُولُ: يشترط في التمييز أن يكون نكرة، فلا يجوز أن يكون معرفة، وأما قول الشاعر:
رَأيتُكَ لمَّا أن عَرَفتَ وُجُوهَنا صَدَدْتَ وطِبٍْتَ النَّفسَ يَا قيسُ عن عمرِو
فإن قوله «النفس» تمييز، وليست «أل» هذه «أل» المُعَرِّفة حتى يلزم منه مجيء التمييز معرفة، بل هي زائدة لا تفيد ما دخلت تعريفًا؛ فهو نكرة، وهو موافق لما ذكرنا من الشرط.
ولا يجوز في التمييز أن يتقدم على عامله، بل لا يجيء إلا بعد تمام الكلام، أي: بعد استيفاء الفعل فاعله، والمبتدأ خبره.
تَمْرِينَاتٌ
1 ـ بَيِّنْ أَنْوَاعَ التَّمْيِيزِ تَفْصِيلًا فِي الْجُمَلِ الْآتِيَةِ: «شربتُ كوبًا ماءً، اشتريتُ قنطارًا عسلًا، ملكت عشرة مثاقيل ذهبًا، زرعتُ فدانًا قطنًا، رأيتُ أحد عشر فارسًا، ركب القطار خمسون مسافرًا، محمد أكمل من خالد خلقًا وأشرف نفسًا وأطهر ذَيلًا، امتلأ إبراهيم كبرًا».
2 ـ ضَعْ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنَ الْأَمْكِنَةِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْأَمْثِلَةِ تَمْيِيزًا مُنَاسِبًا:
أ) الذهب أغلى ... من الفضة. هـ) الزرافة أطول الحيوانات ...
ب) الحديد أقوى ... من الرصاص. و) الشمس أكبر ... من الأرض.
ج) العلماء أصدق الناس ... ز) أكلت خمسة عشرَ ...
د) طالب العلم أكرم ... من الجهال. ح) شربت قدحًا ...
3 ـ اجْعَلْ كُلَّ اسْمٍ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْآتِيَةِ تَمْيِيزًا فِي جُمْلَةٍ مُفِيدَةٍ:
شعيرًا، قصبًا، خُلُقًا، أدبًا، ضَحكًا، بأسًا، بَسَالة.
4 ـ هَاتِ ثَلَاثَ جُمَلٍ يَكُونُ فِي كُلِّ جُمْلَةٍ مِنْهَا تَمْيِيزً مَسْبُوقٌ بِاسْمِ عَدَدٍ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْعَدَدِ مَرْفُوعًا فِي وَاحِدَةٍ وَمَنْصُوبًا فِي الثَّانِيَةِ وَمَخْفُوضًا فِي الثَّالِثَةِ.
تَدْرِيبٌ عَلَى الْإِعْرَابِ
أَعْرِبِ الْجُمْلَتَيْنِ الْآتِيَتيَنْ: ِ
«محمد أكرم من خالد نفسًا، عندي عشرون ذراعًا حريرًا».
الْجَوَابُ
1 ـ محمد: مبتدأ، مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
أكرم: خبر المبتدأ، مرفوع بالمبتدأ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
من خالد: جار ومجرور متعلق بأكرم.
نفسًا: تمييز نسبة محول عن المبتدأ منصوبوعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
2 ـ عند: ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم، وعند مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، مبني على السكون في محل خفض.
عشرون: مبتدأ مؤخر مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعة الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.
ذراعًا: تمييز لعشرين، منصوب بالفتحة الظاهرة.
حريرًا: تمييز لذراع، منصوب بالفتحة الظاهرة.
¥