الحال، ونحن نبين هيئته في وقت حدوث الفعل، وهو الإقبال، هذا هو
المقصود بالحال.
أما التمييز في قولنا: "عندي عشرون كتاباً" فإن "كتاباً" هذه لا تبين
هيئة شيء، لكنها تفسر المقصود بالعشرين بالذات، هذه الذات التي هي
عشرون، العدد هي هنا تفسره المقصود به، فإذن هي لا تميز الهيئات،
ولكنها تفسر الذوات، فالتمييز إذن يفسر ذاتاً مبهمة غير واضحة، والحال
أن الذوات الموجودة في الكلمة واضحة، لكنه يبين الهيئة التي وقع الفعل
عليها من صاحبه، لعل الأمر اتضح ولذلك هم عند حديثهم عن الحال يقولون:
إن الحال يبين الهيئة، وأما التمييز فيبين الذات الأصل فيه أو النسبة
كما سيأتي في أنواع التمييز أنه قد يبين ذاتاً أو يبين نسبة.
الذوات يا دكتور، بالنسبة للذوات تكون بعد الأرقام أم أن هناك أدوات
أخرى؟.
فيه، فيه ذوات أخرى، فيه مثلاً المقادير، كقولك مثلاً: "اشتريت متراً
قماشاً" فقماشاً هنا تمييز، بين هذا الطول, هذا مقدار من المقادير
ففسره، فإذن التمييز يأتي وأكثر ما يأتي طبعاً إذا كان للذات لا للعدد،
لكنه ليس بشرط أن يكون هو خاص بالعدد وسيأتي بيانه -إن شاء الله
تعالى-.
4 - يجوز تكرار الحال ولا يجوز تكرار التمييز بدون عطف:
من الفروق وإن كانت لا تكثر، الفروق الواضحة بينهما نحن عرفنا في الحال
أنه يأتي مكرراً فتقول مثلاً في قول الله -سبحانه وتعالى-: ? فَخَرَجَ
مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ? [القصص: 21]، الآن ? خَائِفًا ? حال،
و? يَتَرَقَّبُ ? حال، اجتمع حالان لصاحب واحد، ولكن التمييز لا يصح
فيه ذلك إلا بالعطف، لا تستطيع أن تقول مثلاً: "رأيت عشرين عالماً
ومتعلماً" ممكن هذا بالعطف بالواو، لأن العشرين هذه لمجموعة من الناس
بعضهم ممن يعلمون، وبعضهم ممن يتعلمون، فجاء التمييز هنا لأكثر من واحد
ولكن أحدهما معطوف على الآخر ولكن لا يمكن أن تقول: "رأيت عشرين عالماً
متعلماً" أما الحال فإنه يقع هذا ويقع هذا، فلك أن تأتي به معطوفاً
فتقول: "جاء الرجل راكباً وضاحكاً" ولك أن تقول: "جاء الرجل راكباً
ضاحكاً" والتمييز يجب فيه العطف، وحيئنذ يعرف الثاني معطوفًا ولا يعرب
تمييزًا وإن كان هو في الحقيقة تمييزًا آخرَ.
5 - يجوز تقديم الحال ولا يجوز تقديم التمييز:
الأمر الآخر أيضاً يمكن أن يكون فرقا فارقا بينهما: مسألة الجواز، جواز
التقدم والتأخر، نحن عرفنا في الحال أنك لك أن تقدم الحال لغرض بلاغي
فتقول: "راكبا جاء زيد" طبعاً الغرض البلاغي هنا قد يكون شخص سألك كيف
جاء زيد؟ هو يهتم الآن بالحال بالهيئة، فتقدم هذا الأمر لأهميته
واهتمام السامع به، فتقول: "راكبا جاء زيد"، فلا مانع من ذلك، فالحال
يتقدم، أو "جاء راكبا زيد" تقدم على صاحبه وتقدم حتى على الفعل على
العامل فيه، وأما التمييز فعلى الصحيح لا يتقدم على ذلك فلا تقول مثلاً
في قولك: "اشتريت عشرين كتاباً"، ما تقول: "كتاباً اشتريت عشرين"، فلا
يتقدم التمييز على الصحيح على عامله وبالذات إذا صار فعلا أو مشتقًا.
على ذلك فالفروق بينهما واضحة وأكبر هذه الفروق ما تعلق منها بالمعنى،
فإن الحال كما عرفنا يبين الهيئات ولا يفسر شيئًا مبهمًا لكنه يبين
الهيئة التي يكون عليها صاحبه وأما التمييز فهو على اسمه، تمييز أي
تفسير وإيضاح فهو يوضح شيئًا مبهما إما ذات وإما نسبة وسأبين لكم بعد
قليل المقصود بالذات والنسبة.
تمييز الذات والنسبة، يعني نحن الآن التمييز جاء اسمه تمييز، ميزت
الشيء يعني وضحته بعد أن كان مبهماً، قد يفسر أو يميز أو يوضح كلمة
واحدة مفردة وقد يحتاج إلى أن يميز ويوضح مجمل الكلام، يعني تكون
مثالات واضحة ما تحتاج إلى تمثيل، لكن انتساب الشيء إلى الشيء, نسبة
الشيء إلى الشيء هي المبهمة، كيف ذلك؟ نبدأ بالمفرد الأمثلة فيه واضحة،
عندما قلت منذ قليل: "اشتريت عشرين كتاباً" أو عندما يقول المصنف:
(ملكت تسعين نعجة) فإذن الآن في قولنا: "اشتريت عشرين كتاباً" واضح أن
كلمة " اشتريت" واضحة ما فيها إشكال، لكن عشرين هذه هي غير واضحة،
تحتاج إلى تمييز وتوضح، عشرين ماذا؟ لو وقفت عليها وقلت: "اشتريت
عشرين" لا يعلم السامع ما المشترى، فتحتاج أن تميز كلامك فتقول:
"كتاباً"، أو كما قال المصنف: (غلام) فميز المقصود بالعشرين، ما
¥