ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[13 - 03 - 10, 10:31 ص]ـ
الحمد رب العلمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
21 – إنَّ المحرم بآية مجتمع على تأويلها، أو سنة مجتمع على القول بها يكفر مستحله، لأنَّه جاء مجيئاً يقطع العذر ولا يسوغ فيه التأويل، وما جاء مجيئاً يوجب العمل ولا يقطع العذر، وساغ فيه التأويل لم يكفر مستحله، وإن كان مخطئاً. التمهيد: (1/ 88).
22 – وليس حديث الضبع [1] مما يعارض به حديث النهي عن أكل كل ذي ناب من الشباع، لأنَّه حديث انفرد به عبد الرحمن بن أبي عمار، وليس بمشهور بنقل العلم، ولا ممن يحتج به، إذا خالفه من هو أثبت منه، وقد روى النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع من طريق متواترة عن أبي هريرة وأبي ثعلبة، وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى ذلك جماعة من الأئمة الثقات، الذين تسكن النفس إلى ما نقلوه، ومحال أن يعارضوا بحديث ابن أبي عمار. التمهيد: (1/ 92).
23 – لا أعلم بين علماء المسلمين خلافاً أنَّ القرد لا يؤكل، ولا يجوز بيعه لأنَّه مما لا نفع فيه، وما علمنا أحداً أرخص في أكله، والكلبُ والفيل وذو الناب كله عندي مثله، والحجة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في قول أحد، وما يُحتاج القرد ومثله أن يُنهى عنه، لأنَّه ينهى عن نفسه بزجر الطباع والنفوس لنا عنه، ولم يبلغنا عن العرب ولا عن غيرهم أكله. التمهيد: (1/ 94).
24 – وقد أجمع المسلمون أنَّ الخلاف ليس بحجة، وأنَّ عنده يلزم طلب الدليل والحجة ليتبين الحق منه. التمهيد: (1/ 99).
25 – يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء والصالحين مساجد، وقد احتج من لم يرَ صحة الصلاة في المقبرة ولم يجزها بهذا الحديث [2]، وبقوله:" إنَّ شرار النَّاس الذين يتخذون القبور مساجد ". وبقوله صلى الله عليه وسلم:" صلوا في بيوتكم ولا تجعلوها قبوراً ".
وهذه الآثار قد عارضها قوله صلى الله عليه وسلم:" جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ". وتلك فضيلة خُصَّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز على فضائله النسخ ولا الخصوص ولا الإستثناء، وذلك جائز في غير فضائله إذا كانت أمراً أو نهياً، أو في معنى الأمر والنهي، وبهذا يستبين عند تعارض الآثار في ذلك أنَّ النَّاسخ منها قوله صلى الله عليه وسلم:" جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراًُ ". التمهيد: (1/ 100 - 101).
26 – ذكر ابن وهب عن مالك قال: أرض العرب مكة والمدينة واليمن، وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام الأصمعي، قال: جزيرة العرب من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول، وأمَّا في العرض فمن جدة وما والاها من سائر البحر إلى اطرار الشام، قال أبو عبيد وقال أبو عبيدة جزيرة العرب ما بين حَفْر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول، وأمَّا في العرض فمن بير يبرين إلى منقطع السماوة ". التمهيد: (1/ 103).
27 - وأمَّا اختلاف الفقهاء في القوم يصلون خلف إمام ناسٍ لجنابته، فقال مالك والشافعي وأصحابهما والثوري والأوزاعي: لا إعادة عليهم، وإنَّما الإعادة عليه وحده إذا علم اغتسل وصلى كل صلاة صلاها وهو على غير طهارة، وروي ذلك عن عمر وعثمان، وعلي على اختلاف عنه، وعليه أكثر العلماء، وحسبك بحديث عمر في ذلك فإنَّه صلى بجماعة من الصحابة، ثُمَّ غدا إلى أرضه بالجرف، فوجد في ثوبه احتلاماً فغسله واغتسل، وأعاد صلاته وحده ولم يأمرهم بإعادة.
وهذا في جماعتهم من غير نكير، وقد روي عن عمر أنَّه أفتى بذلك، رواه شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن عمر في جنب صلى بقوم، قال: يعيد ولا يعيدون، قال شعبة وقال حمَّاد: أعجب إليَّ أن يعيدوا. التمهيد: (1/ 109).
وقال رحمه الله تعالى في هذه المسألة في موضع آخر:
وأنَّ أصل مذهبه – أي مذهب مالك – في هذه المسألة فعل عمر رضي الله عنه في جماعة الصحابة لم ينكره عليه ولا خالفه فيه واحد منهم، وقد كانوا يخالفونه في أقل من هذا، مما يحتمل التأويل، فكيف بمثل الأصل الجسيم، والحكم العظيم، وفي تسليمهم ذلك لعمر، وإجماعهم عليه، ما تسكن القلوب في ذلك إليه، لأنَّهم خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فيستحيل عليهم إضافة اقرار ما لا يرضونه إليهم. التمهيد: (1/ 111).
¥