قالوا: وقد كان مؤمناً عند الجميع بيقين قبل تركه للصلاة، ثم اختلفوا فيه إذا ترك الصلاة، فلا يجب قتله إلاَّ بيقين، ولا يقين مع الإختلاف، فالواجب القول بأقل ما قيل في ذلك، وهو الضرب والسجن، وأمَّا القتل ففيه اختلاف والحدود تدرأ بالشبهات، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم:" سيكون عليكم امراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها فصلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة ".
قالوا: وهذا يدل على أنَّهم غير كفار بتأخيرهم حتى يخرج وقتها لو كفروا بذلك ما أمرهم بالصلاة خلفهم بسبحة ولا غيرها.
قال أبو عمر – أي ابن عبد البر – هذا قول قد قال به جماعة من الأئمة ممن يقول: الإيمان قول وعمل،وقالت به المرجئة أيضاً، إلاَّ أنَّ المرجئة تقول: المؤمن المقر مستكمل الإيمان. التمهيد: (2/ 376).
194 – اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه على أنَّ معنى حديث ابن عمر الذي قدمنا ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تصلوا صلاة في يوم واحد مرتين ". قالا: إنَّما ذلك أن يصلي الإنسان الفريضة، ثُمَّ يقوم فيصليها ثانية ينوي بها الفرض مرة أخرة يعتقد ذلك، فأمَّا إذا صلاَّها مع الإمام على أنَّها سنة تطوع فليس بإعادة للصلاة. التمهيد: (2/ 379).
195 – وفي هذا الحديث [1] من الفقه: أنَّ الصحابة إذا اختلفوا لم تكن الحجة في قول واحد منهم إلاَّ بدليل يجب التسليم به من كتاب أو السنة، ألا ترى أنَّ ابن عبَّاس والمسور بن مخرمة وهما من فقهاء الصحابة، وإن كانا من أصغرهم سناً اختلفا فلم يكون لواحد منهما حجة على صاحبه، حتى أدلى ابن عبَّاس بالسنة ففلج، وهذا يبين لك قول لنبي صلى الله عليه وسلم:" أصحابي كالنجوم " [2]. هو على ما فسره المزني وغيره من أهل النظر أنَّ ذلك في النقل، لأنَّ جميعهم ثقات مأمونون عدل رضى، فواجب قبول ما نقل كل واحد منهم وشهد به على نبيه صلى الله عليه وسلم، ولو كانوا كالنجوم في آرائهم واجتهادهم إذا اختلفوا لقال ابن عبَّاس للمسور: أنت نجم وأنا نجم فلا عليك، وبأينا أقتدي في قوله فقد اهتدى، ولما احتاج إلى طلب البينة والبرهان من السنة على صحة قوله. التمهيد: (2/ 387).
الحواشي:
[1] هو الحديث الذي أخرجه مالك في الموطأ من حديث عبد الله بن حنين: أنَّ ابن عبَّاس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء فقال ابن عبَّاس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه، قال: فأرسلني ابن عبَّاس إلى أبي أيوب الأنصاري فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يُستر بثوب، قال: فسلمتُ عليه فقال: من هذا .. ؟؟. قلتُ أنا عبد الله بن حنين أرسلني عبد الله بن عبَّاس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم .. ؟؟. قال: فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأ حتى بدا لي رأسه ثُمَّ قال لإنسان يصب عليه: أصبُبْ، فصبَّ على رأسه، ثُمَّ حرَّك رأسه بيديه فأقبل بهما و أدبر ثُمَّ قال: هكذا رأيتًُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
[2] وهذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الغريب إنَّ الحافظ ابن عبد البر نفسه قد تكلم على الحديث في كتابه جامع بيان العلم وفضله، وبين ضعف كل طرقه.: (2/ 90).
أخوكم من بلاد الشام
أبو محمد السوري
ـ[ابو محمد الكثيري]ــــــــ[15 - 05 - 10, 01:05 م]ـ
هكذا فلتكن الهمم جرد المطولات والغوص فيها لإستخراج اللألئ والدرر
ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[15 - 05 - 10, 05:19 م]ـ
هكذا فلتكن الهمم جرد المطولات والغوص فيها لإستخراج اللألئ والدرر
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
أحسن الله إليك أخي الحبيب:" أبو محمد الكثيري ". ونسأل الله تعالى لنا ولكم القبول .. كما نسأله سبحانه وتعالى المدد والعون على إتمام هذه الفوائد.
أخوكم من بلاد الشام
أبو محمد السوري
ـ[ابو عبد الرحمن الجزائري]ــــــــ[15 - 05 - 10, 10:28 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[16 - 05 - 10, 10:14 ص]ـ
الحمد لله رب العاليمن .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
196 – قال عبد الله بن عمر: العلم ثلاثة أشياء: كتاب ناطق، وسنة ماضية، ولا أدري. التمهيد: (2/ 388).
¥