- يطعن الدكتور حوى في نصوص لها تفسيرات وتوجيهات مقنعة، ويغفل ذلك، أو يجهل ذلك: (حديث أمرت أن أقاتل الناس، حديث لولا حواء، حديث البكاء على الميت ... )
- استعجاله في الطعن قبل محاورة أهل الاختصاص، مما يُشعر أنه يرى نفسه وصيا على السنة، وهو المرض الذي أصاب بعضا ممن حوله، ومن كان قبله، وهذا يفند قوله: (ولماذا نترك غير المختصين يوجهون سهاماً للسنة ولا نقوم نحن أهل الاختصاص بالنقد العلمي المطلوب؟) فكلمة "نحن أهل الاختصاص" هل المقصود بها الدكتور حوى فقط؟! أم ينبغي التشاور والتحاور مع المختصين الآخرين قبل أن نفجعهم بهذا التهور والتعسف.
- يلاحظ (وهو أمر يثير الانتباه) أن الدكتور حوى في كل طعونه للنصوص لم يحاول ولو مرة واحدة التماس العذر لمن أخرجها وصححها، وكأن بينه وبينهم مشكلة، مع أن عادة أهل العلم أن ينتقدوا ويلتمسوا العذر حتى لا يُفهم النقد خطأً.
- يلاحظ أنه لم يطعن ولو في حديث واحد من الأحاديث الباطلة التي تحتج بها الشيعة، فلماذا؟! مع أنه يعتبر أننا أمة واحدة!!
وفي هذه المقدمة كفاية وإن كان في النفس حاجات كثيرة، لا يتسع المقام لذكرها، ويؤسفني أن ما يطرحه حوى يطرحه في المكان والزمان غير المناسبين، في مجتمع ابتعد عن علم الحديث والإسناد، وقليل فيه من يعرف قيمة الصحيحين، وقليل فيه من يدرك خطورة ما يقوله، إذ نحن في عصر نصفق فيه لكل من يخالف ويخرج على المعروف، فلو كتب شخص مقالا في إباحة الربا أو تجويز السفور للنساء لوجدت له أنصارا ومطبلين، فلنعتبر، ولله عاقبة الأمور
حديث الصورة
قال الدكتور حوى: الحديث الخامس:.مع حديث "خلق الله آدم على صورته".وبين أيدينا حديث آخر في الصحيحين فيه ما يعارض ظاهره القرآن، بل ويوافق التوراة المحرفة وهو مما رواه أبو هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فساق نص الحديث، ثم قال: "وهذا الحديث مشكل جداً إذ فيه تشبيه الخالق بخلقه ولما كان ظاهر إسناد الحديث صحيحاً أصر اكثر علماء الحديث على التمسك به ثم اختلفوا في كيفية التعامل معه فمنهم من أوّله ومنهم من قال بل هو على ظاهره وتمسكوا برواية "خلق الله آدم على صورة الرحمن".ثم اختلفوا في تأويله."
وقبل أن أبحث في الحديث أعلق على كلامه الذي استهل به:
1 - فقد جعله "مشكل جدا"، وعلل ذلك أن فيه تشبيها للخالق بالمخلوق، وهذا يؤكد لك الرغبة الجامحة في اختلاق الإشكال والميل إليه على الرغم من الضمير في صورته هو لآدم وليس لله تعالى كما سيأتي، وعلى القول أن الضمير لله تعالى فله تفسير ينفي الإشكال.
2 - قوله:" ظاهر إسناد الحديث صحيح" فيه مؤاخذتان، الأولى أن من يطعن في المتن لا بد أن يُظهر علة في السند ولو خفية، ولو غير قادحة عادة،، وعلى هذا جرى علماء النقد، لأن السند طريق المتن، وهو لم يفعل مما يدل على خواء طعنه. والثانية: أغفل أن الحديث رواه عن أبي هريرة عدد من كبار ثقات أصحابه، فمنهم همام، ومنهم الأعرج، ومنهم أبو صالح، وغيرهم، وهذه من أصح الأسانيد. ولهذا أهمية كبرى، إذ ينتفي تفرد شخص واحد قد يخطىء أو تُعل روايته، وينتفي أنه مما أخذه أبو هريرة عن كعب، كما هي الشماعة المعتادة لكل حديث نريد الطعن فيه
3 - قوله" أصر أكثر علماء الحديث على التمسك به" وهنا أعلن للملأ تحدي أن يأتي الدكتور حوى باسم عالم واحد من علماء الحديث طعن فيه، إذ هو مضمون كلامه في قوله:" أكثر علماء الحديث" فليأتنا بعالم واحد ضعّفه، وإلا كان ملبسا على الناس.
وسوف أسوق لكم كلام أحد علماء الحديث ومن كبار علماء الأشاعرة، وهو أبو بكر ابن فورك، وهو محدث متكلم أشعري، فقد ذكر الحديث في كتابه (مشكل الحديث) واعترف بصحته، لكن فسره بطريقة تنفي إشكاله،- على عادة العلماء الراسخين- فقال بعد أن بين صحة الحديث: (إنه مما استفاض من الأخبار وتلقاه أهل العلم بالقبول ولم ينكره منهم منكر)، فانظر الفرق!!
ولاحظ أخي القارىْ كلمة أخينا حوى:" أصر" فهو اتهام بالاصرار المسبق على قبول المشكل عند علماء الحديث!!!، فأيهما المصر؟!!
¥