تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الحاكم: معرفة علل الحديث، وهو علم برأسه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل، وإنما يعلل الحديث من أوجهٍ ليس للجرح فيها مدخل، فإن حديث المجروح ساقط واهٍ، وعِلة الحديث يكثر في أحاديث الثقات، أن يحدثوا بحديث له عِلَّةٌ فيخفى عليهم علمه فيصير الحديث معلولاً انتهى.

والاصطلاح العام/ كلّ نقدٍ للأحاديثِ (سواء ظاهراً أو خفيّاً) وسواء (لزم منه ردّ بعض الوجوه أو لم يلزم) وسواء كان (معتمداً على جمع الطرق أو بالحكم على التفرّد).

فتجد في كتب العلل: يقولون: فيه رجل متروك. وهذا رجل مدلّس. وتراه يبيّن علةً لحديث ثم يقول والحديث معمولٌ به. وقد يكون للحديثِ إسناد واحد فيردّه أهل الحديث, وهذا الذي يسمّيه الحاكم "الشاذ" وصرّح أنه يختلف عن المعلول. لأن تعرف الشاذ عند المتقدمين: "التفرد". والشاذ عند المتأخرين: "مخالفة الراوي لمن هو أوثق منه".

قَالَ الحَاكِمُ فِي "مَعرِفَةِ عُلُومِ الحَدِيثِ": والشاذ غير المعلولِ, فإن المعلول ما يوقف على علَّته أنه دخل حديث في حديث أو وهم فيه راو أو أرسله واحد فوصله واهم، فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة اهـ (4).

فنَعلم أن هذا التعريف بالاصطلاح الخاص لا العام, وعلى هذا لا نستطيع تخطئة الحاكم فإنه إمامٌ حافظٌ وهذا اصطلاح عنده, فبعضهم ذكر العلة بأوسع ممّا ذكره الحاكم, وبعضهم يطلقون العلة مما هو خفيّ القادح, وأكثر من مثّل على هذا النوع الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدار قطني في "علله" وهو أوسع كتاب في العلل.

قَال الشَّيخُ عبد الله السَّعد: توسَّع فيه وشرح أكثره في بيان العلة، فيذكر الحديث، ويبين أوجه الاختلاف، ويبين من تابع فلان، ومن خالفه، وقد يتكلم على الحديث في نحو عشرين صفحة, ونحو ذلك، مثل ما تكلم على حديث: «شيبتني هود وأخواتها» وأطال في الكلام عليه اهـ.

(أهمِّيَّةُ الكُتُب المُؤلَّفةِ فِي التَّعليلِ العمليُّ)

(1) أبو الحسن عليّ بن المديني (234هـ) , وهو أول من ألَّف في "العلل" الذي قال فيه البخاري: ما استصغرت نفسي عند أحد ما استصغرته عند ابن المديني. وقال النسائي: كأنّه خُلق لهذا الشأن. وقال أحمد بن حنبل: المديني أعلمنا بالعلل وابن معين أعلمنا بالرجال وأشار إلى نفسه يعني أفقههم للحديث (5).

وفي الكتاب مقدِّمة مهمّة جداً لا توجد في كتاب آخر, فابتدأ بالمكثرين من الصحابة ثم التابعين في جميع الأعصار إلى أن أوصل كلامه إلى طبقته, ثم ذكر علل رواة الحديث, وهو على اختصاره إلا أنَّه نفيسٌ جداً وهذا الكتابُ من رواية "ابن البراء" ولم تصل لنا مخطوطة غيرها. كذلك كتاب "مسند الفاروق" لابن كثير المفسِّر, فقد جمع أقوال علي بن المديني من غير رواية ابن البراء, ولها أهميّةٌ كبرى لاستكمالِ منهجِه فِي التعليلِ. وأكثر بالنقلِ عن ابن المديني تلميذه البخاري في "التاريخ الكبير" و "التاريخ الأوسط".

(2) الإمام أحمد بن حنبل (241هـ) , وله كتب كثيرة في العلل –وهي من جمع التلاميذ عنه لا من تأليفه- فعُرفت هذه الكتب برجال راويها, ككتاب "العلل ومعرفة الرجال" برواية ابنه عبد الله بن أحمد بن حنبل, وكتاب "العلل ومعرفة الرجال" براوية "المرّوذي والميموني وأبي صالح بن أحمد" وهو مطبوع في مجلّد واحد, وكتب المسائل الفقيهة والسؤالات الحديثيّة عنه فوجد فيهما كلام كثير في العلل, كمسائل "الكوسج" ومسائل "إسحاق بن راهويه" ومسائل "الكرماني" ومسائل "أبو داود" وأكثر من خدم مذهبَه وأقوالَه "أبو بكر الخلال" (311هـ) ورتبها على أبواب الفقه والحديثية في كتاب مخصَّصٍ في ثلاثِ مجلدات كما وُصف, ولكنَّه مفقود إلا أجزاءً ككتاب "الترجل" -الامتشاط والتزين والتدهن-. ووُجد آخر الكتاب وطبع, ولكن انتخَب ابن قدامةَ من هذه المسائل, ولم يوجد إلاَّ بعضه ولكنه مشحوبٌ بالفوائد.

(3) يحيى بن معين (233هـ) , فجمع الدوري والدارمي وابن جنيد مسائلَه وأقوالَه في العللِ والرجالِ, وكلُّها مطبوعة, وألف أحد طلبة العلم "العلل الخفيّة التي انقدها ابن معين في مسائله" وهو كتابٌ نافعٌ في بابِه.

(4) الإمام البخاري (265هـ) , فقد أودع علمَه الجمّ –الذي يدلّ على إمامِته في هذا الفَنِّ- في كتاب "التاريخ الكبير" فقد ملأه بالكلام العلمي التعليلي للأحاديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير