(تَعرِيفُ علمُ العِللْ)
العلّةُ في اللّغة: المَرَضُ. واسْمُ المَفْعُولِ من علَّ يَعِلُّ فهو معلٌّ ومن اعْتلَّ فهو معتلُّ. وعلى قلّة عند العرب معلول. والأفصح أن تقول "حديث معتلٌّ أو معلُّ" وأقله فصاحةً قول "حديث معلول" وأشنعُه "معلَّل" فهو لحن لأنّ المعلل هو الملحّى (3).
العلةُ في الاصْطلاحِ: سببٌ خفيٌ يقْدَحُ في صحَّةِ الحَدِيثِ. ويضيفُ بعضُهُم: –ظَاهِرُهُ السَّلامَة-. ولعلَّ الحاكم هو أوَّل من عرَّفَ العِلل في قوله: الحديث المعلل يُقدح فيه من أوجه ليس للجرح والتعديل فيها مدخل.
علم العلل ينقسم إلى قسمين:
أ - النًّظَرِيُّ: هو قَواعدٌ وأمْثِلةٌ لِقَرَائِنَ تُعِينُ عَلِى فَهْمِ النَّقدِ الخَفيِّ للأئمةِ الحَديث, وبالمُمَارَسَةِ تُعِينُ عَلَى تَكْوِينِ المَلَكَةِ فِيهِ.
(شرحُ التعريفِ) (قواعد) فَهِيَ غَيرُ مُعرَّفةٍ, لأنَّهُ لا عدَّ لَهَا ولا حَصْرٌ (قرائن) لأنَّها تَحُومُ حَولَ الرَّاوِي والمَرْويِّ وتَكُونُ باسْتِقْرَاءِ وفَهْمِ تَعْليلاتهِمْ (للأئِمَّةِ الحَدِيثِ) كأبي حاتمٍ وأبو زرعةَ, ولا يُمْكِنُ إدْراكُ شَأْوهمْ فَقَد انْتَهَى. (بالممارسة) وبغيرها لا يُفْهَمُ هَذَا العِلْمِ, فَمَنْ تَدرَّبَ فقد انْتَهَى مِنْ دِرَاسَتِهِ.
(أهَمِّيَّةُ الكُتُب المُؤلَّفةِ فِي التَّعلِيلِ النَّظِرِي)
أولا: مَا جَاءَ فِي كُتُبِ المُصْطَلَحِ قَد تطرَّقتْ إِلى بَيَانِ العِلَّة, وشروطها وأسبابها إلى غير ذلك, ومن أوًّل من كَتَبَ في ذلك التِّرْمِذيُّ في "العلل الصغير", الذي شرحه الحَافٍظ ابنُ رَجَب, فهوَ أوّل من كتب في العلل نظرياً بشِكْلٍ موسَّعٍ, مع بيان القواعد والقرائن التي تبيّنه. ثم كتاب الحاكم "معرفة علوم الحديث" ثم امتداد كتب المصطلح كـ "مقدمة ابن الصلاح" و"نزهة النظر" لابن حَجَرٍ, ثم من المُعَاصِرينَ كـ "الحديث المُعَلُّ" للخاطر وكتابُ "مقايس نقد المتون" للدميني وكـ" الحًديث المعلول" لـ. د حمزة الميلباري وكتاب "قواعد العلل وقرائن الترجيح" لـ. دعادل الزرقي وكتاب "العلّة وأجناسها" للشِّيخِ مصطفى باحو. وهو أجودُها وأفضلُها, وكذلكَ مقدِّمةُ الدكتور همام سعيد في تَحْقِيقِه لكِتَابِ "شرحُ عِلَلِ التِّرمذي لابن رجب" وهي مقدمة متميِّزة, وهيَ من أوَائلِ الدِّرَاسَاتِ العَصْريَّةِ لعلْمِ العِلَلِ. وكِتَابُ "العلل لابن أبي حاتم" بإشْرَافِ الشَّيخَيْنِ "سعد الحميّد" و"خالد الجريسي", وهو تحقيق نفيسٌ جداً. وكِتَابُ "منهج الإمام أحمد في علل الأحاديث" لبشير علي عمر وكتاب "منهج أحمد في التعليل" للنشمي ولـ. د أبي بكر الكافي, وهما رسائل علمية. وكتاب "علم علل الحديث" من خلالِ كتاب "الوهم والإيهام" للقطّان الفاسي, لإبراهيم صديق الغماري.
ب- العملي: وله اصطلاح خاصٌ وعامٌ. وكلاهما مراعى عند المحدثين.
فالاصطلاح الخاص/ النقدُ الخفيُّ لِلأحَادِيثِ مِنْ خِلالِ جَمْعِ الطُّرقِِ والمُوازَنَةِ بَيْنَ اخْتَلافَاتها لمَعْرِفَةِ الصَّوَابِ مِنْ الخَطَأ.
شرح التعريف: (النقد الخفيّ) فليس من أن الراو كذاب أو قول مالك قال عمر بن الخطاب فهذا لا يخفى على أحد. (من خلال جمع الطرق) وهَذا قيدٌ مهمٌّ, فَتَعْرِف اختلافَ ألفاظِ الرُّوَاة مثلاً.
قال الحاكم: معرفةُ عللِ الحَدِيثِ، وهو علمٌ بِرَأسه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل، وإنما يعللالحديث من أوجهٍ ليس للجرح فيها مدخل، فإن حديث المجروح ساقط واهٍ، وعِلةُ الحَديثِيكثُر فِي أحَادِيثِ الثقات، أن يُحَدِّثوا بحديثٍ لَهُ عِلَّةٌ فيَخْفَى عَليهِمْ عِلْمَهُ فيَصير الحديثمعلولاً انتهى.
والاصطلاح العام/ كلّ نَقْدٍ للأحَاديثِ (سواءٌ أكانَ ظَاهراً أَوْ خفيّاً) وسواءٌ (لَزِمَ منهُ ردُّ بعضُ الوجوهِ أو لمْ يلْزمْ) وسَواءٌ أكانَ (مُعتَمِداً عَلَى جمعِ الطُّرقِ أوْ بِالحُكْمِ عَلَى التَّفرُّدِ).
¥