داود" وأكثرُ مَن خَدَمَ مَذْهَبَهُ وَحَفِظَ لَنَا َأقْوَالَهُ "أَبُو بَكْرٍ الخَلَّال" (311هـ) فجمعَ المسائِلَ الفقهيَّةِ ورتَّبها على أبواب الفقه والمسَائِلَ الحَدِيثيَّة فِي كِتَابٍ مُخَصَّصٍ في ثَلاثِ مجلدات كما وُصف, ولكنَّه مفقود إلا أجزاءً ككتاب "الوقوف" و"الأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر" و "الترجل" -الامتشاط والتزين والتدهن-. ووُجد آخر الكتاب وطُبِعَ, أمَّا ما يتعلَّق بالعلِلِ فهو مفقودٌ, ولكن انتخَبَ ابن قدامةَ من هذه المسائل, ولم يوجد إلاَّ بعضُهُ لكِنَّهُ مَشْحُوبٌ بالفَوَائِدِ, وفِيهِ من العِبَاراتِ والمسائلِ التعليلية التي لا نجدُ ما يغنِي عنها في شيءٍ من الكُتُبِ.
(3) الإِمَامُ يَحْيَى بْنُ مَعِين–رَحِمَهُ اللَّهُ- (233هـ) , فجمع الدوري والدارمي وابن جنيد مسائلَه وأقوالَه في العللِ والرجالِ, وكلُّها مطبوعة, وألف أحد طلبة العلم "العِلَلُ الخَفِيَّةُ الَّتِي انقدها ابن معين في مَسَائِلِهِ" للحلاَّق وهو كتابٌ نافعٌ في بابِه.
(4) الإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيل البُخَارِيُّ –رَحِمَهُ اللَّهُ- (265هـ) , فقد أودع علمَه الجمّ –الذي يدلّ على إمامِته في هذا الفَنِّ- في كتاب "التاريخ الكبير" فقد ملأه بالكلام العلمي التعليليِّ لِلْأحَادِيثِ.
وهذه الكتاب تضمَّنَ أربعة عُلُومٍ حَديثِيَّةٍِ مُهِمَّةٍ:
1 - التعريفُ بالرواة, وهو الغرض الأساسي من تأليف الكتاب.
2 - بيانُ مراتبهم جرحاً وتعديلاً, ولم يكن هذا عندَهَ غَرَضاً أسَاسِيّاً, حيث إنه سكت كثيراً في الحكم عن رجال ممَّا يدلّلُ على عَدَمِ اشْتراطِه هَذَا.
3 - علمُ المراسيلِ والسَّماعِ, فقد مَلأ كِتَابَهَ بقولِ "لا يعرف لفلان سماعه من فلان" أو "لم يسمع إلاَّ مِنْ فُلَان".
4 - عِلْمُ العِلَلِ, وعندَه من الإشاراتِ الخفيَّة في الدِّلَالَةِ عَلَى العِلَلِ مَا يَخْفَى عَلَى النُّقًّادِ من غموضه ودقّته, فتخرج فوائدُه على وجْهِ الإلغازِ, ويَشْهَدُ على هذا "صَحِيحَهُ" من التراجم وترتيب الرواة, والشيخ المعلّمي –رحمه الله- (1386هـ) قد حقَّقَ فِي إخْرَاجِ الكِتَابِ, وقَدْ أَجَادَ إِلاَّ أنَّه لَمْ يُسْتَوْعَبْ (6) والكِتَابُ لا يَزَالُ بِحَاجَةٍ إِلَى خِدْمةٍ.
* ولا يَكَاد يَخْلو كتابٌ مِنْ كتاب من كتبِ السنة –خاصة الكبار منها- أن تكون معتمدة على كتبِ التَّعْلِيلِ, وإلاَّ هُنَاكَ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ مِنَ السُّنَّةِ لَيْسَتْ مختصَّة بذكرِ التعليلِ لكنَّهَا لمْ تَخلُو مِنْ ذِكر العِلَلِ, حتَّى صَحَيحَ البُخَاري تَجدُ أنَّ البُخَارِي أَخْرَجَهَا لِبَيَانِ علَّتها, كَمَا نَصَّ على ذلكَ ابنُ حَجَرٍ فِي "هَدْيِ السَّارِي" وشَرْحه في "فتح الباري".
(5) النَّاسِخُ والمَنْسُوخ لأَبِي بَكْرٍ الأَثْرَمِ –رَحِمَهُ اللَّهُ- (273هـ) , وهو تلميذُ الإِمَامِ أحَمَدَ, وذُكِرَ لَهُ كِتَاباً فِي "العِلَلِ", وكتابُهُ الآنفُ ذكْرُهُ لَيْسَ خَاصاً بِالنَّاسِخِ والمَنْسُوخِ, إِنَّمَا اهْتمَّ بِذِكْرِ الاخْتِلافِ بَيْنَ الأَحَادِيثِ, من أوجُهٍ للتعارض مع بيان صحيحها وسقيمها, فاسْمُ الكِتَاب بِمَعْنَى " مُختَلفُ الحَدِيثِ " لِمَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ أوْهِامٍ وتعليلٍ هو مِنْ بَابِ " التَّعْلِيلِ ".
(6) الإِمَامُ مُسْلِمُ بْنُ الحَجَّاجِ النَّيسابُوريِّ –رَحِمَهُ اللَّهُ- (261هـ) , له كِتَابٌ خَاصٌ بالعلل مخطوط وأكثره مطبوع وهو "التمييز" وهو مفيد جداً على اختصاره ووجازته, وهذا الكتاب يَشهدُ لمؤلِّفه بالعلمِ الغَزِيرِ فِي هذا الفَنِّ, ونَقَلَ البَيْهَقِي نُقُولاتٍ عديدةٍ من الجزء المفقود من كتاب "التمييز" وخاصَّةً كتابُ "السُّنَنُ الكُبْرَى" وكَذَلِكَ ابْنُ رَجبٍ الحَنْبَليُّ فِي كِتَابِهِ "فَتْحُ البَارِي بِشَرْحِ صَحِيحِ البُخَارِي".
(7) الإِمَامُ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَة –رَحِمَهُ اللَّهُ- (262هـ) , وله كتاب سمَّاه "المُسندُ المعلَّلُ" ويلقِّبُهُ العُلَمَاءُ "المُسْنَدُ الفَحْل" لقوتِه ومتانتِه, وهو مرتبٌ على أحاديث المسانيد بأنْ يَذكرَ الصحابيّ ثم أحاديثَه ثم العلة. وللأسف فَإِنَّ هذا الكتاب لم يتمّ لضخامتِه, وفُقد ولم يبقَ منه إلا أجزاءً منه, منهُ مخطوطٌ ومنهُ مطبوعٌ كـ "مسند عمر بن الخطاب".
¥