تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ب- حديث أبو هريرةَ "من تبع جنازةً فله قيراط من أجر" فقال ابن عمر: أكثر علينا أبو هريرة, -يعني أَصْبَحْ يَرْوِي أحَادِيثَ لمْ نَسْمَعْ بِهَا- فأرْسَلَ إلَى عَائِشةَ يَسْأَلُهَا؟ فَصَدَّقت عائشةُ أبا هريرة, فقال ابن عمر معتذراً: يا أبا هُرَيْرَةَ أنتَ كنتَ ألْزَمَنا لرَسُولِ اللهِ وَأحْفَظَنَا لِحَدِيثِهِ. وقال: لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرةٍ.

- فنجد أن ابن عمر اسْتَغْرَبَ الحَديثَ لتفرُّدِ أبي هريرة للحديث حتى أمن من عائشة تصديقه لحديث النبيّ, وهَذِهِ أَحَدُ مَلامِحِ تَعْلِيلاتِ المُتَقَدِّمِينَ.

ج- ذُكر لعائشةَ قول ابن عمر "قول النبي" إنهم ليسمعون الآن ما أقول" فقالت عائشة إنَّمَا قال "إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق" ثمَّ قرأتْ {إنك لا تسمع الموتى وما أنتَ بسمع من في القبور} فلا شكّ أن عائشة هنا أخطأت, ولا يصحُّ نَقدُ عَائِشَةَ –رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-, وهذا مَعَ أَنَّ العُلمَاءَ اخْتَلَفُوا كَثيراً في تأويلِ الأحَادِيثِ, فمنهم من جَمَعَ بَيْنَ الأَحَادِيثِ, وحملَ بعضُهُم الحديثَ عَلَى أَوْجُهٍ:

الأوَّلُ: المقصودُ "أنَّهُ يَحْزَنُ لبُكَائِهِمْ" كمَا أنَّ الإنسانَ يتألم إذا بلغه أنّه أهْلَهُ يَبكُونَ, والحزنُ والألم عذاب, وهو جمعُ شيخِ الإسلامِ ابنُ تيميةَ –رحمه الله-.

الثَّانِي: من حثُّهم على البكاءِ عليهِ, كما جاءَ في البيتِ الذي نُسبَ إلى لبيدِ بن ربيعةِ يخاطبُ بنتيْهِ:

إلَى الحَولِ ثمَّ اسْم السَّلامُ عَليكُمَا ... ومَن يبكِ حَولاً كَاملاً فقدِ اعتذر

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: معنى يسمعون: يعلمون, ومنهم مَنْ قَالَ: هو خاصٌّ بالنبي, وأنّ الأصل عدم السماع إلا ما اسْتُثْنِيَ وهو الراجح, وفي الحديث: عَرْض السنّة على القرآن.

د- حديث عائشة "أن رجلين دخلا عليها وأنَّ أبا هريرة يقول "إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار" فغضبت غضبا شديداً كَأنَّمَا شقَّتْ. وفي الصحيحينِ: قالتْ "بئسما قرنتمونا بالكلاب والحمير" إنما كان النبيّ يقول "كانَ أهل الجاهلية يقولون: الطيرة في المرأة والطير والدار" ثم قَرَأَتْ {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} والصَّحِيحُ مَا ثَبَتَ فِي حديث سعد بن أبي وقّاص مرفوعاً "لا هامِة ولا عدوى ولا طيرةَ وإن تكن ففي المَرْأةِ وَالفَرَسِ والدَّارِ" فبيّن النَّبي أنه ليس هناك شيءٌ يُجلب الشأم, وإن وجد ففي .. , وبيَّن العلماء أن المرأة إن لم تكن صالحة لم تَجلب الخير ونكَّدتْ عَليهِ العيش, وهكذا الدارُ إن كانَ بيتُهُ ضيِّقاً والدابةُ إن كانتْ كثيرَ التعطُّل والحوادِثِ, وليسَ فيهِ تنقيصاً من المرأةِ بشيءٍ.

هـ- بَلَغَ ابنَ عبَّاس أنَّه رُفَعَ إلى النبيِّ "يقطع الصلاة الكلب والمرأة والحمار" في روايةٍ: فقال ابن عبَّاسٍ {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصَّالح يرفعه} فأيُّ شيءٍ يقطعُ هذا؟ ولكنَّه يُكرهُ. وفي الصحيحينِ قالتْ عائشةُ: "شبَّهْتُمُونَا بالحمر والكلاب", فذهب بَعْضُهُمْ أنّ القطع المقصود به قلَّةُ الأَجْر, وفي المسألة خلاف مشهور ليس هذا بيان ذكره. وأفضل ما تكلّم عن فقه هذا الحديث وحديث "السترة في الصلاة" من المتقدّمين "ابن جرير الطبري" (310هـ) في كتابِهِ "تهذيب الآثار" في مجلَّدِ "الجزء المفقود" فإنَّك تجدُ فيهِ تحريراً بالغاً.

و- حديثُ عمرة بنتِ عبد الرحمن أنَّ عائشةَ أخبِرتْ أنَّ أبا سعيدٍ الخدريِّ يقولُ: نهى رسولُ الله المرأة َ أن تسافرَ إلى ومعها محرم. قال عمرة: فالتفتْ عَائِشَةُ إِلى بَعْضِ النِّسَاءِ وقالت: مَا كلُّهنَّ ذواتُ محرَمٍ. ففهم العلماء –كالبيهقي- أنها تريدُ أنْ تقولَ: هَذا غَيرُ صَحِيحٍ. وَأنَّ المرأةَ تسافرُ إنْ كَانَتْ مَعَ رُفْقةٍ آمِنةٍ مِن النِّساءْ, فهيَ إمَّا حكمَتْ بعدمِ صحَّةِ الحديثِ, وإما تأوَّلتْهُ إلى أنَّ النصَّ ليس تعبدياً, إنما هو غالبُ أحوال النساء أنَّهَا لَا تَكُونُ فِي مَأمَنٍ إلاَّ مَعَ ذُو مَحْرَمٍ. والمسألةُ خلافيَّةٌ عندَ العلماء: فيرى أحمد ومالك والشافعي وشيخ الإسلام ابن تيميةَ أنَّه يحلُّ لها السفرِ في حالِ عدمِ وُجُودِ ذو محرمٍ إنْ كانَ الحجُّ واجباً معَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير