تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وُجودِ رفقةٍ آمنةٍ من النِّسوةِ.

... إلى غيرِ ذَلكَ من الأمثلة الكثرة التي توضّح اهتمام الصحابة بالنَّقدِ الحَديثيِّ سَنَداً وَمَتناً, أمَّا سَنَداًً فكما حصل مع ابن عمر وأبي هريرة, وأما متناً فكما حَصَلَ مَعَ عمر –رَضيَ اللهُ عنهُ- والأنصاري, وغير ذلك مما تدلّ أن العلمَ لَيْسَ بِطَارِئٍ, إِنَّمَا نَشَأ مَعَ نُشُوءِ الرِّوَايَةِ, وتعلم أنَّ أهلَ الحَدِيثِ كَانَ عِنْدَهُمْ نَقديَّةً سَنديَّةً ومَتنيَّةً, ثم تطوَّر علمُ العِلَلِ وأصبحَ يتصدّى له جَهَابذة كابن معينٍ والبخَارِي, ولا يلزمُ مِنْ هذا أنَّ نَقْدَ الصَّحَابَةِ كَانَ مُخْتلاً, لأنَّ امتدادَ العَصْرِ بعد عَصرُ الرِّوايةِ زَادَتْ أوجُهاً لمْ تَكُنْ مَوجُودةً فِي زَمَنِ الصَّحابةِ, وَهَذا أكبَرُ دليلٍ عَلَى إِتقانِ وضَبْطِ الصَّحابةِ, ولِهَذا يَجِبُ مَعرفةُ أنَّ أَسْبَابَ الخَطَأِ والوَهْمِ مِنْ الصَّحَابة يَختلفُ عَنِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يُخطؤن مَنْ بعدَهم, فلا تقاس علة الصحابة على علة التابعين وأتباعهم.

فمن أخطاء التابعين ومن بعدهم لم تكن موجودة عند الصحابة:

1 - التَّصْحِيفُ, وهو الأخذ من كتاب مصحّفٍ عن الصحيح والتي فيها أخطاء.

2 - الاخْتِلاطُ, من الراوي الحديث الذي سمعه من ثقة بالحديث الذي سمعه من ضعيف.

3 - التَّدلِيسُ, وهو ضعيف لأنه قد يكون السَّاقط ضعيفاً أو كذّاباً.

4 - قَلْبُ الرَّاوِي, فيقرأ أو يكتب فينزل في الإسناد, ويجعل متن إسنادٍ لإسناد.

* وغيرها من أنواع الضعيف مِمَّا لا يُوجَدُ في عَصْرِ الصَّحَابَةِ كَـ (الانقطاع, الإعضال, الإرسال, الفسق والكذب, وأنواع الضعيف

(تكميل) أمَّا العِلَلُ بِالمَنْهَجِ المَعْرُوفِ كَانَ نَشأتُهُ فِي البَصرة, وأوّل من شَرَعَ في العلل شيخ التابعين (محمد بن سيرين) (110هـ) ثم تلقّاه منه (أيوب السختياني) و (عبد الله بن عون) ثم أخذ عنهما هذا المنهج (شعبة بن الحجاج) فوسَّعه وعمَّقه وأكثرَ مِنَ الكَلامِ فِيه حتى عُرف به,)

فمنهجُ التعليلِ بعدَ ذلكَ أصبحتْ ملامحُهُ واضحةٌ من أتباعِ التَّابعينَ ومن بعدَهُم. وبالذات على إِمَامِ الِعلَلِ ورأسِ مدارس العلل (شعبةُ بن الحجّاج) , ثم أَخَذَه مِنْهُ (يحيى بن سعيد القطّان) –وهو أوّل عَالِمٍ دُوِّّن كلامُه فِي عِلَلِ الحَدِيثِ والرِّجِالُ ومن دوَّنَ عنه ثلاثةٌ: "عليّ بن المديني" و" الفلَّاس" و"محمد بن المثنّى"- والإمام (عبد الرحمن بن مهدي) ثم أخذ عنهما (يحيى بن معين) و (أحمد بن حنبل) ثم البخاري إلى آخره ممن صنَّفوا فِي العِلَلِ أَوْ كُتِبَ عنهُمْ فَنَقْتِصِرُ عَليهِم.

وأعلى رجالُ هذه الطبقة الثانية: البخاريّ (256هـ) , مسلمٌ (261هـ) , أبو حاتمٍ الرازي (277هـ) , أبو زرعةَ الرازي (280هـ) , الدارميُّ (280هـ) , وحكى الترمذيُّ أنَّ أوْلَى مَن يُسألونَ عنِ العِلَلِ ثَلاثَةٌ: محمَّدُ بن إسْمَاعِيل البُخاريُّ, أبو زُرعةَ, الإمام عثمان بن سعيد الدارميّ.

ثم الطَّبقَةُ الثَّالِثَةُ: أبو داود (275هـ) , الترمذي (279هـ) , البزّار (292هـ) , يعقوب بن شيبة (262هـ).

ثم الطَّبقةُ الرَّابعَةُ: أحمد بن شعيب النسائي (303هـ) , الفضل بن عمار الشهيد صاحب "علل مسلم" (317هـ) , ابن خزيمة (311هـ) فقد حكى في صحيحه عللاً كثيرا على أحاديث, العقيلي (320هـ) صاحب "الضعفاء" , ابن أبي حاتم (327هـ).

ثم الطَّبَقةُ الخَامِسَةُ: ابن حبّان (354هـ) , ابن عديّ (365هـ) , الدار قطني (385هـ) –وكِتَابُهُ فِي العِلَلِ مِنْ أَجَلِّ الكُتُبِ فِي العِلل- وقال الذهبي (748هـ) عنه: وبه خُتم معرفة علم العلل.

ثم الطَّبقَةُ السَّادسَةُ: الحاكم (405هـ) , ومن ثمّ استفاد العلماء من بعدهم من كَلامِ الأَئِمَةِ النُّقَّادِ فاهْتَمُّوا بها كَثيراً وأتقنوها حتى يَحكُمُوا عَلَى صِحَّةِ الحَدِيثِ وضَعْفِهِ.

قال الإمامُ جِهْبَذُ السَّلَفِ ابنُ رَجَبٍ فِي "شَرْحِ عِلَلِ التِّرْمِذِيِّ":وابن سيرين رضي الله عنه هو أول من انتقد الرجال وميز الثقات من غيرهم، وقد روي عنه من غير وجه أنه قال: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. وفي رواية عنه أنه قال: إن هذا الحديث دين فلينظر الرجل عمن يأخذ دينه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير