تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال يعقوب بن شيبة: قلت ليحيى بن معين: تعرف أحداً من التابعين كان ينتقي الرجال كما كان ابن سيرين ينتقيهم؟ فقال برأسه، أي: لا.

قال يعقوب: وسمعت علي بن المديني يقول: كان ممن ينظر في الحديث ويفتش عن الإسناد لا نعلم أحداً أول منه،محمد بن سيرين، ثم كان أيوب، وابن عون، ثم كان شعبة، ثم كان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن. قلت لعلي: فمالك بن أنس؟ فقال أخبرني سفيان بن عيينة قال: (ما كان أشدَّ انتقاء مالك الرجال) انتهى.

* والانْتِقَاءُ لَيْسَ لَهُ عَلاقَةٌ فِي العِلَلِ, إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ "الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ", فلم يَجْعل مالكاًَ يُداهِنُهُم لا فِي العِلَلِ ولَا فِي الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ.

* وَمِمَّا جَاءَ فِي فَضْلِ شُعْبَةَ: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول: كان شعبةُ أمَّةً وَحْدُهُ فِي هَذا الشَّأنِ قال عبد الله: يَعني في الرجال وبصره بالحديث وتثبته وتنقيه للرجال. قال الشَّافعيُّ: لولاَ شعبةُ ما عُرِفَ الحَديثِ بالعراق. قال ابن حبًّان: وهو أول من فتش بالعراق عن أمرِ المُحَدِّثينَ وجَانَبَ الضعفاء والمتروكين حتى صار عَلَماً يُقْتَدَى به ثمَّ تَبِعَهُ عَليه بعده أهل العراق. قال عبد الرحمن بن مهدي: قلت لابن المبارك: أهل الكوفة ليس يبصرون الحديث. فقال: كيف! ثم لقيته بعد ذلك. فقال لي: وجدت الأمر على ما قلت. قال الخطيب: ولأهل البصرة من السنن الثابتة بالأسانيد الواضحة ما ليس لغيرهم مع إكثارهم والكوفيون مثلهم في الكثرة غير أن رواياتهم كثيرة الدغل قليلة السلامة من العلل. اه فما سبقَ واضحٌ الثناء الكبير لأهل البصرة, خلافا لأهل الكوفة لأن الفرقَ فيهم كثر وتسبّبَ في ذلك كثرة التدليس والأوهام حتى قال ابن مهدي: حديث أهل الكوفةِ مدخول. وقال ابن المبارك: ما رجت إلى الشامِ إلا لأستغنيَ من حديثِ أهل الكوفة. اهـ؟ مع أنَّ في حديثِ أهل الشَّام قليلة الاتصال واهتِمامُهم على أحاديث الترغيب.

وأمًّا رويَ عَنِ ابن مهدي أنَّه سٌئلَ عَنْ أهلِ الحِجاز فأرْتَبهم ثم أهلُ البَصرة ثمَّ أهل الكوفة فلمَّا سئل عن حديث أهل الشام فنفض ثوبه فهذه روايةٌ لا تصحّ وفيه راوٍ كذّاب وهو "أبُو سَعِيدٍ العَدَوِي".

* السَّبَبُ فِي انْتِشَارِ هَذا العِلْمِ فِي البَصْرَةِ مِنْ أَيِّ مَكَانٍ غيره كَالمَدينَةِ مَعَ أَنَّهَا أَنْقَى حَدِيثاً؟

(1) كَثْرَةُ الرِّوايةِ فِي البَصْرةِ والأَخْطَاءِ وَالأوْهَامِ, فَجَاءَ مِن ذلكَ تَقعِيداً وتأصيلاً لِعِلْمِ العِلَلِ, وهذا لا يَطْعنُ فِي حديثِ أهل المدينة بل هو مدحٌ لَهُمْ, حَيْثُ إنَّ حَدِيثهُمْ كَانَ نقيّاً, وذَلكَ أنَّ التدليسَ عِنْدَهُمْ قَلِيلٌ جدّاً, بَلْ غَالِبُ المُدلِّسِينَ الكُوفيُّون ثمَّ البَصريُّون.

(إِشْكَالٌ) لِمَ لمْ يُقلْ بأن العلمَ انتشرَ من عندِ الكوفيِّينَ مَعَ قولِنا بأنّ الخطأَ فيه أكثر؟

أجيبَ: أنَّ أحاديثَ البَصْرةِ أَكثُر مِن أحَادِيثِ أَهْلِ الكُوفَةِ, ومِنْ ثَمَّ كَثُرَتْ الرِّوَايَاتُ والطُّرقِ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ, فَحِينئذٍ يَتَسنَّى لَهُم تَحْقِيقَ الحَدِيثِ وتَنْقِيحهُ فَيسْهُلُ النَّقْدُ, بخلافِ مَا إذِا كَانَتِ الأَحَادِيْث قَلِيلِة عَنْ أهلِ الكوفة فسيصْعُبُ تَنْقِيحهُ مِنَ العِلَلِ.

(2) وُجُودُ النقَّادِ الحُفًّاظِ فِي أَهْلِ البَصْرَةِ, فَمَثَلاً: أبو حَنِيفةَ يردُّ الحَدِيثَ الَّذي يُخَالِفُ الأُصولَ! وهُوَ مَنْهَجٌ سَائدٌ عِنْدَ أهْلِ الكوفةِ, وأوَّل من ابتدأه "إبراهيم بن يزيدَ النَّخَعِي" ثمَّ انْتَشَرَ عِنْدَ بقيَّةِ التَّلامِيذِ –رحمهم الله-.

(الخُطُواتُ لمَعْرِفَةِ العِلَلِ فِي الأًَحَادِيثِ)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير